يقدمها لكم : محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا .
قارئة تسأل : خطيبي السابق يهددني بصوري معه وخطاباتي ويطالبني بمبالغ
مالية , ما هو الحل ؟
للسائلة الكريمة نقول : أن
الفتيات في سن المراهقة تسيطر العاطفة عليهن بشكل كبير، علي الرغم من أن عقلها
يوازى عقل شاب أكبر سنًا بخمس سنوات , ونجد أن الفتيات تسيطر عليهن العاطفة نتيجة
الهرمونات ، لكن كلما تحكمت الفتاة فى عاطفتها أصبحت قوية وأقل عُرضة للابتزاز ، فسكوت
الفتاة وخوفها من المواجهة مع المبتز يجعلها فريسه سهله له ، فحين تكتفى الفتاة بالصمت
حيال الابتزاز تكون شريكة في , فهى تشعر بأنها مخطئة وتفضل الصمت عن
مواجهة الموقف خوفا من تبعاته, ومن ثم فإننا نؤكد علي
أن الابتزاز الالكتروني جريمة يحميها القانون المصري .
بداية ما هو تعريف الابتزاز ؟
هو محاولة الحصول على مكاسب مادية أو
معنوية عن طريق الإكراه المعنوي للضحية و ذلك بالتهديد بكشف أسرار أو معلومات
خاصة.
و الابتزاز بهذه الصورة يمتد ليشمل جميع
القطاعات فنجد ما يسمى بالابتزاز السياسي و الابتزاز العاطفي و الابتزاز
الاليكتروني وهو الابتزاز الذي يتم باستخدام الإمكانيات التكنولوجية الحديثة ضد
ضحايا أغلبهم من النساء لابتزازهم ماديا أو جنسيا.
وعلى الرغم من انه بات معروفاً لدى
أغلبية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي و مستخدمي الهواتف الذكية من أن البيانات
الشخصية و الصور يمكن سرقتها , أو استدراج الضحية للحصول على صور أو فيديوهات
لاستخدامها فيما بعد لابتزاز الضحية , إلا انه حتى ألان لم تقم مصر بتشريع يمكن من
حماية الضحية من الابتزاز الاليكتروني بشكل اكثر فاعلية ومواكبة للتطور الهائل
الحاصل في مجال التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي في وسائط التواصل الحديثة .
لذا نجد أن الضحية تنصاع في أغلب
الأحوال لطلبات المبتز خوفاً من الفضيحة , و خاصة أن المحاكمات تكون علنية و أن
الأحكام يسهل الطعن عليها , و بالتالي نجاة الجاني من العقوبة و ذلك لقيام القاضي
بالقياس على مواد أخرى في قانون العقوبات حتى يجد عقوبة مناسبة للجاني و هو الأمر
الذي يمنعه القانون ( حيث انه لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص )
هل يحمى القانون المبتز ؟
نجد المادة 327 من قانون العقوبات
المصري تحمى المبتز بالنص على كل من هدد
غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة
المؤبدة أو المؤقتة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدوشة بالشرف وكان التهديد
مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن .
ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد
مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر وكل من هدد غيره شفهيا بواسطة شخص أخر بمثل ما ذكر
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان
التهديد مصحوبا بتكليف بأمر أم لا .
كل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهيا بواسطة
شخص أخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد
على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه.
- وهنا نجد أنه حتى يتم معاقبة المبتز يجب أن
يبتز أو يهدد ضحيته أما عن طريق الكتابة ولا يكون التهديد مجرماً إذا كان شفاهه , إلا
إذا تم بواسطة شخص أخر , أي أن المبتز حين يهدد ضحيته بنفسه و لكن شفاهه فهو خارج
إطار المحاسبة قانوناً و يمكن أن ينجو بفعلته ؟
هل يحمى قانون مكافحة جرائم الانترنت خصوصية
المستخدم ؟
حينما صاغ المشرع المصري قانون مكافحة
جرائم الانترنت لم يكن يعي أن جريمة الابتزاز و التهديد باستخدام البيانات الشخصية
للضحية أو صورها والمتحصلة باستخدام الانترنت , هي من جرائم الانترنت لذا لا نجد أي
إشارة و لو من بعيد حول هذه الجريمة .
فنجد المادة (12 ) من قانون جرائم
الانترنت تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين و غرامة لا تقل عن 20 ألف
جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه ، كل من حاز أو أحرز أو صنع أو أنتج أو استورد أو صدر
أو تداول بأية صورة من صور التداول أي أدوات أو برامج مصممة أو محورة ، أو شفرات
أو رموز، ب غرض استخدامه في ارتكاب أو تسهيلا ارتكاب أية جريمة ، أو إخفاء آثار أو
أدلة أيمنا لجرائم المنصوص عليه في هذا القانون.
و بالنظر في نص هذه المادة نجد أنها
تعاقب فقط على استخدام البيانات أو الأدوات لارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة من
الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون فقط
و ليس في قانون العقوبات بأكمله , أي أنها لا تحمى البيانات الشخصية للضحية , ولا
تعاقب على انتهاك خصوصية المستخدم أو استخدام بياناته أو تحوريها , كما يحدث مع
صور الفتيات و تركيبها على صور أخرى لتصوير الفتاة الضحية على أنها من الباغيات.
- و حين حاول القانون التطرق لحماية
البيانات الشخصية الخاصة بالمستخدم , جاء بنصوص ناقصة و لا تضمن الحماية الحقيقية
للبيانات أو لخصوصية المستخدم.
- ولم يقم القانون بحماية حقيقية ضد
استخدام البيانات الشخصية في أمر يسئ لصاحبها , بل اكتفى بحماية البريد الإلكتروني
فقط وليس البيانات إلى يحتويها البريد الإلكتروني , أو البيانات الموجودة بالفعل
على جهاز الضحية والتي يمكن اختراقه فنص
في المادة (11) يعاقب بالحبس و بغرامة لا تجاوز خمسة ألاف جنية كل من استخدم بريدا
الكترونياً لا يخصه في أمر يسئ إلى صاحب البريد.
- أي أن استخدام البريد الالكتروني في
أمر لا يسئ لصاحبه لا يدخل ضمن مجال التجريم , ولكن المشرع حفظاً لماء الوجه وحتى يساير
تشريعات معظم الدول العربية إلى أولت الجرائم الالكترونية الاهتمام الكافي ,
فقام بالنص في المادة (9) على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ، وبغرامة
لا تجاوز عشرة آلاف جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اتلف أو أبطأ أو عطل أو
اخترق بريدا الكترونياً أو موقعاً خاصاً إذا كان البريد أو الموقع خاصا بآحاد
الناس ، أما إذا كان خاصاً بأحد الأشخاص الاعتبارية الخاصة تكون العقوبة الحبس
وغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وإذا كان البريد
الإلكتروني يخص الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة تكون العقوبة السجن
وغرامة لا تجاوز 50 ألف جنيه.
- أي انه لا حماية على البيانات الشخصية
الموجودة على البريد الالكتروني , بل الحماية تشمل عدم استخدامه في أمر يسئ لصاحبه
, وعندما تحدث المشرع عن اختراق البريد لم يتحدث عن حماية البيانات نفسها التي يحتويها
البريد , ولكنه عوضاً عن الحماية الكاملة للبيانات ضد أي اختراق من أي شخص قام
المشرع بالنص في المادة (13) من نفس القانون على يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة
أشهر وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز 15 ألف جنيه كل مزود خدمة أفشى
بغير إذن أو طلب من إحدى جهات التحقيق ، البيانات الشخصية لأي من مستخدمي خدمته ،
أو أي معلومات أخرى تتعلق بالمواقع التي يدخل إليها، أو الأشخاص والجهات التي
يتواصل معها , وتتعدد عقوبة الغرامة بتعدد المجني عليهم من مستخدمي الخدمة.
- أي انه إذا تم إفشاء المعلومات من شخص
غير مزود الخدمة فانه يكون غير معاقب بهذا القانون او بغيره .
وعلى الرغم من أن المشرع المصري تأخر عن
معظم دول المنطقة في تشريع قانون للجرائم الالكترونية إلا انه عندما شرع قانوناً
جاء هذا القانون ناقصاً و معيباً سواء من ناحية الصياغة القانونية أو من
ناحية الحماية الفعلية ضد الجرائم
الالكترونية.
- وهنا ننصح السائلة بعدم الانصياع
لرغبات هذا الشخص معدوم الضمير , وعليها سرعة التقدم ببلاغ الي إدارة المعلومات
والتوثيق بوزارة الداخلية , والتي ستقوم بتعقب المراسلات التي يقوم من خلالها هذا
الشخص بتهديدها , وعقب تحرير محضر بالإجراءات القانونية , وتقنين الإجراءات بمعرفة
النيابة العامة , وعقب ذلك تقديم المتهم الي المحاكمة ليصدر ضده حكم رادع لمثله من
المبتزين معدومي الضمير .
تعليقات
إرسال تعليق