يقدمها لكم : محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا .
روى عن الرسول الكريم صلى الله عليه و
سلم ( لا يحل لمسلم إذا باع منه أخيه بيعا
فيه عيب إن لا يبينه ) وقال أيضاً عليه افضل السلام واتم التسليم ( ليس منا من غش
مسلماً ) ولأن العلاقة الزوجية هي ارقي و
أهم أنواع العلاقات فينبغي إن تبني على أساس من الصراحة و الوضوح حتي لا تتعرض لأي
اضطراب و اهتزاز من هنا أعطي الإسلام حق فسخ عقد الزواج لكل من الطرفين إذا اكتشف
بعد العقد وجود مثل ذلك العيب أو الخلل.
وهذا ما ذهب إليه ابن القيم في
"زاد الميعاد ج 4 ص 58،59 " و هذا ما ذهب إليه احمد بن حنبل كما جاء في
"المغني لابن قدامه ص 587 ج 7وهذا ما وافق نص المادة 5/أ من قانون الأحوال
الشخصية "الأزواج عند شروطهم إلا شرطا احل حراما أو حرم حلالا"
- كما انه من الثابت قانونا أن الغش
يفسد كل شيء و لا يرتب اثار قانونية وما بني علي باطل فهو باطل .
- وحيث لم يعلم الزوج السائل ان زوجته كانت ثيبا
فقد وقع في غلط معيب للرضا , وهو الغلط الذي يفسد الرضا و يتبعه قابلية العقد
للإبطال , مع عودة كل شخص الي مركزه القانون السابق علي تحرير هذا العقد الي جاء
مشوباً بالغش والتدليس , وهو ما يجعله في حل من كافة ما حمل به من التزامات
تعاقدية جاءت علي خلفية انعقاد هذا العقد الفاسد والمشوب بعيب الغش والتدليس ,
ويعزز موقف الزوج السائل هنا ما تم الحصول عليه من إقرار كتابي صريح من الزوجة
بأنها سبق وأن تزوجت من زميل لها بعقد عرفي , هذا فضلاً عن إمكانية إخضاعها للكشف
الطبي المتخصص وهو ما يقطع بحالتها من حيث أنها ثيب أم بكر .
ومن المتعارف عليه شرعاً وقانوناً أيضاً أن الغش
في حالة الزوجة من حيث أنها ثيب او بكر هو غلط متعمد في وصف جوهري لو كان يعلم به الزوج
ابتداء لما أتم العقد , أو كان إيجابه قد تغير و يجوز له إن يطلب إبطال العقد وحيث
إن هذا الأمر شكل عيبا في إرادة الزوج , فلو كان علم لما وافق و انه من الأمور
الجوهرية بالنسبة له .
و قد جاء بإحكام المحكمة العليا :
( إن ثبوت واقعة الغلط مسالة موضوعيه
تستقل به محكمة الموضوع بتقدير الأدلة فيها و إن تقدير الدليل مما تستقل به محكمة
الموضوع التي لها إن تأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة دون ما حاجة للرد على ما لم
تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة و مادام هذا التقدير لا خروج فيه
على الثابت بالأوراق و إذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مداولته أسبابا
موضوعية سائغة تكفي لحمل قضائه بأن المطعون عليه لم يكن يعلم أن الزوجة الطاعنة
ثيب مما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض ولا يعيب بعد ذلك أنه لم يرد على
القرائن التي ساقتها الطاعنة للتدليل على ذلك لعلمه فيكون النعي عليه بالقصور
والتسبيب على غير أساس )
- وطبقا للشريعة الإسلامية فزوال غشاء
البكارة يجيز للرجل فسخ عقد الزواج ما دامت لم تخبره بذلك قبل العقد وهنا يأتي دور
القضاء في أثبات التدليس وعدم البكارة لضمان حقوق الزوج للصداق المبذول منه فقد
عنيت الشريعة الإسلامية السمحة بحقوق الطرفين دون إهمال لأحد منهما فلكل منهما
حقوق كما عليه من واجبات ففسخ عقد الزواج حق لكل من الطرفين أذا أكتشف أحدهما بعد
العقد بأن الأخر دلس عليه وغشه وأخفا عنه عيبا أساسيا لو كان علم بوجوده مسبقا لما
أقدم على أبرم عقد الزواج وهذا رأي أكثر فقهاء المسلمين .
- وفي ذلك يقول الشيخ حسن الصفار ((
التعامل بين الناس يجب إن يكون قائما على الصراحة والوضوح لتستقيم العلاقات بينهم
وتسود أجواء الثقة والاطمئنان )) من هنا أكدت التعاليم الشرعية على الوضوح في أي
معاملة بين الطرفين بأن يعرف كل طرف ما يأخذ وما يعطي فلا يكون هناك جهلا ولا غرار
وفي هذا السياق حرمت الشريعة كل ألوان الخداع والغش واعتبرته مؤثرا على صحة
المعاملة وخدشا لشرعيتها .
وجاء في الفقرة د "للمتضرر من
الزوجين عند الإخلال بالشروط حق طلب التطليق.
وحيث أن الزوجة اعترفت بالواقعة كتابة
وان أهلها على علم بذلك و قد راجعهم الزوج في هذا الصدد و قد اتفقوا على إنهاء
العلاقة الزوجية و تسليمه كافة حقوقه الشرعية ثم أنكروا بعد ذلك , فهو ما يجيز له
اللجوء الي محكمة الأسرة بطلب فسخ عقد الزواج للغش والتدليس , وهو ما يرجح قبوله
والقضاء به , وبخاصة في ظل وجود إقرار كتابي صريح بذلك من الزوجة بخط يدها , وهو مبدئ
ثبوت بالكتابة لا يجوز الرجوع عنه , حتى وإن قررت الطعن عليه بالتزوير فإن الطعن
لن يكون جدير بالقبول لتحرير الإقرار بخط يدها , هذا فضلاً عن اللجوء الي مصلحة
الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي علي الزوجة وإثبات حالتها من حيث البكارة او انها
ثيب سبق الدخول بها , ومن ثم يفسخ العقد تبطل كافة الالتزامات التعاقدية التي حمل
بها الزوج من مؤخر صداق وما شابة من التزامات تعاقدية مترتبة علي ابطال العقد .
تعليقات
إرسال تعليق