أنواع واحكام الطلاق شرعاً وقانوناً

صورة
كل ما تريد معرفته عن أنواع واحكام الطلاق شرعاً وقانوناً   يقدمها لكم : محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا . مفهوم الطلاق : الزواج هو علاقة شرعيّة بين الرّجل والمرأة أساسها عقدٌ شرعيٌّ ، وقد ينتهي هذا العقد بينهما عندما يصبح الانفصال هو الحلّ الوحيد ويصعب عليهما الاستمرار في الزّواج ، فهنا يَحلّ الطلاق ، والطلاق لغةً يعني الإرسال والترك ، وطلّق الرّجل زوجته أي تركها ، وفي الشرع يعني حلّ ميثاق الزوجيّة ، وتُطبّق شروطه تحت أمر القضاء ومراقبته ، وللطلاق أنواع بيّنها الدين الإسلاميّ ، سنذكرها في ما يلي : أنواع الطلاق : أولاً : الطلاق الرجعيّ : الطلاق الرجعيّ هو الطلاق الذي يستطيع الرجل أن يُرجِع فيه زوجته التي دخل بها أي بعد وقوع الدخول ، حيث يصحّ إرجاعها إذا لم يسبق له أن طلقها أو إذا طلقها طلقةً واحدةً ، وهنا على المطلقة الالتزام بالعدّة وهي ثلاثة قروء (طهارة من الحيض) للحائض ، وثلاثة أشهر لغير الحائض ، وعليها أن تقضي العدّة في بيت زوجها ، وتجب لها النفقة ، ويجوز للرجل الدخول والخروج عليها ولكن مع توثيق هذا الطلاق ، ويرث أحدهما الآخر وإن كانت هناك عدّة للطلاق . ...

كل ما تريد معرفته عن التطليق للضرر شرعاً وقانوناً

كل ما تريد معرفته عن التطليق للضرر شرعاً وقانوناً 


يقدمها لكم : محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا .

قارئة تسأل : زوجي يسئ معاملتي ولا سبيل لاستكمال الحياة بيننا وأريد الطلاق منه للضرر ، فما هي شروطه ؟
- الجواب : وهنا نقول للسائل الكريم أننا بصد الحديث عن موجبات التطليق للضرر والتى سنحاول من خلال السطور القادمة شرحها بشكل واف من الناحية القانونية والشرعية ، والتدليل على تلك الحالات بأمثله علمية تجعل الأمور اسهل وأوضح لكافة المتسائلين عن موضوع الطلاق للضرر ، وما هو الضرر واشكاله الموجبة للتطليق .
- نظم المرسوم بقانون رقم 25لسنة 1929أمر التفريق بين الزوجين لإضرار الزوج بزوجته بموجب صدر المادة السادسة منه والتي تنص على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما .
- هذا وقد جعل الشارع للزوج الحق في تأديب زوجته واعتبر ذلك من الحقوق الثابتة للزوج على زوجته بمقتضى عقد الزواج ، ومن ثم فإن للزوج ولاية تأديب زوجته إذا لم تطعه فيما يجب عليها طاعته فيه شرعا ،وسند ذلك هو قول الله تعالى ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ) (الآية 34من سورة النساء).
موقف الفقه في مسألة التفريق بين الزوجين بسبب الشقاق بينهما وإضرار الزوج بزوجته :
- و أجمع الفقهاء على أنه لا يجوز للزوج أن يضرب زوجته ضربا مبرحا أي إيذاء شديدا أو أن يسيء إليها في المعاملة ، ولا أن يؤذيها في القول إذ قال تعالي ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة.) (الآية 228من سورة البقرة) ، كما يقول تعالى ( وعاشروهن بالمعروف.) (الآية 19من سورة النساء)
- اختلف الفقهاء بشأن أحقية الزوجة في أن تطلب من القاضي التفريق بينها وبين زوجها إذا حصل شقاق بينهما وكان الزوج يسيء إليها في المعاملة ويؤذيها في المعاشرة بالقول أو الفعل كأن يضربها ضربا مبرحا أو يشتمها شتما مقزعا أو يحملها على فعل ما لا يباح فعله شرعا.
- مذهب الحنفية وكذا الشافعية لا يجيز للزوجة طلب التفريق وذلك لأنه يمكن رفع الضرر عن الزوجة ومنع إيذاء الزوج لها وإساءته معاملتها بغير الطلاق ، وذلك بأن يأمر القاضي الزوج بحسن المعاشرة والإحسان فـي المعاملة ، فإن لم يفعـل عاقبـه القاضي تعزيرا بما يراه كفيلا لزجره وكافيا لردعه حتى يمسك زوجته بالمعروف . - مذهب الإمـام مالك يجيز للزوجـة الحـق في أن تطلب أمام القضـاء التفـريق بينها وبين زوجها ، وكذا استقر الأمر عليه في مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
-  الأصل الشرعي الذي بني عليه التفريق بين الزوجين بسبب الشقاق بينهما وإضرار الزوج بزوجته هو قول الله تعالى ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا.) (الآية 35من سورة النساء)
- وقد استدل بهذه الآية من يرى من العلماء كالإمام مالك التفريق بين الزوجين إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما وطلبت الزوجة من القاضي التفريق لذلك السبب ،ووجه الاستدلال بالآية أن سلطة الحكمين ومهمتهما ليست قاصرة على الإصلاح بين الزوجين بل لهما سلطة التفريق بينهما إن لم يوفقا إلي الإصلاح بينهما لأن الله سماهما حكمين والحكم والحاكم معناهما واحد فيكون لهما سلطة الحكم ويؤيد فهم الآية على هذا قوله تعالى "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان." (الآية 229من سورة البقرة) فإذا فات الإمساك بالمعروف لإضرار الزوج بزوجته في المعاشرة الزوجية تعين التسريح بإحسان فوجب على الزوج أن يطلق الزوجة فإن لم يفعل طلقها القاضي بالنيابة عنه رفعا لظلمه ودفعا لإضراره بها ،وهو ما يتفق أيضا مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار."
* كما استدل بالآية الرأي القائل من العلماء بعدم التفريق لأن الآية تكاد تكون صريحة في أن عمل الحكمين قاصر على بذل الجهد في الإصلاح بين الطرفين وفي أن التفريق بين الزوجين ليس من عملهما حيث لم تتعرض الآية للتفريق بينهما فلا يملك الحكمان التفريق بين الزوجين إلا بإذنهما كما أن إضرار الزوج بزوجته يمكن تداركه بتعزير الزوج وعدم إجبار الزوجة على طاعته فلم يتعين الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلي الله تعالى طريقا لإزالة الإضرار بها فلا يلجأ إليه.
موقف المشرع المصري في مسألة التفريق بين الزوجين بسبب الشقاق بينهما وإضرار الزوج بزوجته :
* أخذ المشـرع المصري بمذهب الإمام مالك في مسألة التفـريق بين كلا من الزوجين بسبب إضرار الزوج بزوجته إذ جاء بالمذكرة الإيضاحية بشأن الشقاق بين الزوجين والتطليق للضرر "الشقاق بين الزوجين مجلبة لأضرار كبيرة لا يقتصر أثرها على الزوجين بل يتعداها إلي ما خلق الله بينهما من ذرية وإلي كل من له بهما علاقة قرابة أو مصاهرة وليس في أحكام مذهب أبى حنيفة ما يمكن الزوجة من التخلص ولا ما يرجع الزوج عن غيه فيحتال كل إلي إيذاء الآخر بقصد الانتقام ،وتطالب الزوجة بالنفقة ولا غرض لها إلا إحراج الزوج بتغريم المال ويطالب الزوج بالطاعة ولا غرض له إلا أن يتمكن من إسقاط نفقتها وأن تنالها يده ويوقع بها ما شاء من ضروب العسف والجور ..... فرئي أن المصلحة داعية إلي الأخذ بمذهب الإمام مالك في أحكام الشقاق بين الزوجين عدا الحالة التي يتبين للحكمين أن الإساءة من الزوجة دون الزوج فلا يكون ذلك داعيا لإغراء الزوجة المشاكسة على فصم عرى الزوجية بلا مبرر."
ثانيا : تعريف الضرر وماهيته :
-  لم يورد القانون تعريفا محددا للضرر واكتفت المادة السادسة بوصفه بأنه لا يستطاع معه دوام العشرة بين الزوجين إلا أنه باستقراء أحكام محكمة النقض وما استقرت عليه من مبادئ  فإنه يمكننا تعريف الضرر بأنه إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها بمعاملتها معاملة تعد في العرف شاذة تشكو منها ولا ترى الصبر عليها.
- يسري النص محل التعليق على الزوجة المدخول بها وغير المدخول بها إذ المناط هو تحقق وقوع الضرر بصرف النظر عما إذا كانت الزوجة مدخولا بها من عدمه.
- الضرر المشار إليه هو الضرر اللازم غير القابل للزوال وفي قدرة الزوج إنزاله بزوجته أو إزالته عنها إذا شاء ولم يمنع نفسه عن إيقاعه بها ،وبمعنى آخر هو إضرار الزوج بزوجته بأى نوع الإيذاء التى تتمخض كلها فى أن للزوج دخلاً فيها وإرادة متحكمة فى اتخاذها.
-  عدم تحديد النص وسيلة إضرار الزوج بزوجته مؤداه حق الزوجة في طلبها التطليق الاستناد في التدليل على وقوع الضرر إلي كل أو بعض صور المعاملة التي تتلقاها من زوجها أمام محكمة أول درجة ، كما أنه للزوجة أن تضيف منها في مرحلة الاستئناف ما لم تطرحه أمام محكمة الدرجة الأولى دون أن يعتبر ذلك طلبا جديدا يمتنع قبوله لأن الطلب الجديد هو ما يتغير به موضـوع الدعوى ولا يتغير طلب التفريق بين الزوجين للضرر طبقا للمادة السادسة بتغير ما صدر عن الزوج من قول أو فعل تضررت منه وزوجته ،ونضرب مثالا لذلك أن الزوجة قد تقيم الدعوى أمام محكمة أول درجة بطلب التطليق من زوجها طلقة بائنة للضرر الذي وقع عليها منه بقوله أو بفعله ثم تضيف أمام محكمة الاستئناف واقعة هجر الزوج لها كأحد عناصر الضرر المدعى به وتجيبها المحكمة الاستئنافية إلي طلبها وتقضي بالتطليق ومن ثم فلا يعد طلب الزوجة أمام محكمة ثاني درجة طلبا جديدا ويكون قضاء المحكمة الاستئنافية بالتطليق قد صادف صحيح القانون.
ثالثا : شروط الضرر المبيح للتطليق :
يشترط في الضرر المبيح للتطليق عدة شروط :
1.     أن يكون واقع من الزوج على زوجته أي راجعا إلي فعل الزوج دون غيره وواقع منه على زوجته دون غيرها من ذويها أو أقاربها ،ولا يشترط في هذا الضرر أن يكون متكررا من الزوج بل يكفي أن يقع الضرر من الزوج ولو مرة واحدة حتى يكون من حق الزوجة طلب التطليق ، فالتطليق للضرر شرع في حالات الشقاق لسوء المعاشرة والهجر وما إلي ذلك من كل ما يكون للزوج دخل فيه.
2.     أن يكون هذا الضرر معتبرا في العرف معاملة شاذة وضارة من الزوج تشكو منها الزوجة ولا يمكنها الصبر عليها ويمكنها الاستناد إلي كل أو بعض صور المعاملة التي تتلقاها من زوجها.
3.     أن تثبت الزوجة وقوع ضرر عليها من زوجها بإيذائه لها بالقول أو الفعل إيذاء ً تتضرر منه ولا تستطيع المقام مع زوجها في وجوده ،ويجوز للزوجة أن تثبت وقوع هذا الضرر بكافة طرق الإثبات المقررة قانونا.
4.     أن يكون هذا الضرر قد استطال ليصل إلي درجة لا يستطاع معها دوام العشرة بين الزوجين فإذا لم يبلغ الضرر حد الجسامة التي تؤدي إلي تلك الدرجة فلا مبرر للتطليق إذ لا يتوافر الضرر في هذه الحالة ، فالمتعين أن يكون هذا الضرر دال على استمرار الخلاف الزوجي واتساع هوته بما لا يستطاع معه دوام العشرة والإبقاء على
5.     الحـياة الزوجـية (1) ،ويتعين على القاضـي إذا ثبُت الضـرر أمامه أن يذكـر في أسباب حكمه وصف هذا الضرر بأنه لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثال الزوجين.
6.       أن تتدخل المحكمة للإصلاح بين الزوجين ويثبت عجزها عن الإصلاح بينهما فيجب على المحكمة أن تعرض الصلح على الزوجين وتبذل جهدا في محاولة الإصلاح بينهما ولا يستلزم ثبوت الضرر قبل عرض المحكمة للصلح بل يجوز لها أن تعرض الصلح في أية مرحلة من مراحل الدعوى ،ويتعين أن تثبت المحكمة في محاضر جلساتها تدخلها للإصلاح بين الزوجين إذ عرض الصلح هو شرط حتمي فرضه النص كما فرضه نص المادة 18من القانون رقم 1لسنة2000وذلك في جميع قضايا الولاية على النفس وبالأخص دعاوى التطليق ، فإذا نجحت المحكمة في التوفيق بين الزوجين والإصلاح بينهما قضت بانتهاء الخصومة في الدعوى بالتصالح ، أما إذا عجزت المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين المتناحرين استمرت في نظر الدعوى حتى الفصل فيها أما بإجابة الزوجة إلي طلبها والقضاء بتطليقها إن ثبت الضرر وإما برفض الدعوى إن عجزت الزوجة عن إثبات الضرر ، فالهدف من إلزام القاضي بالعمل على الإصلاح بين الزوجين في قضايا التطليق هو محاولة إزالـة أسباب الشقاق بين الزوجين وأن يسعي لعودة الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه من نقاء وسكينة وحسن المعاشرة.
رابعا : معيار الضرر المبيح للتطليق :
معيار الضرر في مفهوم المادة محل التعليق هو معيار شخصي وليس معيار مادي فالضرر يختلف باختلاف بيئة الزوجين ودرجة ثقافتهما والوسط الاجتماعي الذي يحيط بهما ويتعين أن يكون هذا الضرر واقعا من الزوج على زوجته وأن يكون ضرره لازما غير قابل للزوال ويكون في قدرة الزوج إنزاله بها أو إزالته عنها إذا شاء ولم يمنع نفسه عن إيقاعه بها بل استمر على إنزاله بها فالمناط في التطليق بسبب الضرر هو وقوعه فعلا ولا يمنع من التطليق توقع زواله أو محاولة رأبه طالما هو صادف الضرر محله وحاق بالزوجة عاقبته.
قد تكشف أوراق الدعوى ومستنداتها عن إرسال الزوج لزوجته لخطاب تضمن ألفاظ جارحة ونزعات عدوانية صارخة مهينة لكرامة الزوجة وطعن في كبرياء مثلها ممن هو في نفس بيئتها وثقافتها ووسطها الاجتماعي كما قد يظهر من تصرفات الزوج أنه يقصد الكيد والانتقام من زوجته ،ومن ثم فإن ذلك يمثل ضررا مبيحا للتطليق.
خامسا : أنواع وصور الضرر المبيح للتطليق :
لم يحدد القانون وسيلة إضرار الزوج بزوجته بما يكون معه من حق الزوجة طلب التطليق للضرر والاستناد في التدليل على وقوع هذا الضرر إلي كل أو بعض صور المعاملة التي تتلقاها من زوجها ، ومن ثم فيمكن القول بأن أنواع الضرر تتمثل في الإيذاء بالقول أو الإيذاء بالفعل سواء كان هذا الفعل إيجابيا بإتيان الزوج ثمة فعل يستشف منه القاضي وجود ضرر مادي أنزله الزوج على زوجته أو كان ذلك الفعل سلبيا يستشف منه القاضي وجود ضرر معنوى أوقعه الزوج بزوجته شريطة ألا يكون فعل الزوج الإيجابي أو السلبي مما يدخل في نطاق حق التأديب المقرر شرعا للزوج على زوجته ، فإنه وإن كان حق التأديب من مقتضاه إباحة الإيذاء إلا أنه لا يجوز أن يتعدى مرحلة الإيذاء الخفيف أما إذا تجاوز الزوج هذا الحد فأحدث بالزوجة أذى معاقب عليه خرج الأمر عن حدود حقه المقرر بالشريعة الإسلامية وجاز عقابه قانونا كما جاز للزوجة طلب التطليق بسببه.
 أنواع الإيذاء الذي يعد ضررا والذي يتجاوز حق التأديب الشرعي :
أولا:  إيذاء الزوج لزوجته بالقول :
يتمثل الإيذاء بالقول في كل ما يوجهه الزوج لزوجته من أقوال أو ألفاظ تهين كرامتها وتجرح كبريائها وتحط من شأنها وعلى سبيل المثل قيام الزوج بسب زوجته وشتمها بألفاظ نابية أو إهانته لكرامتها وما عسى أن تكشف عنه أوراق الدعوى ومستنداتها من إرسال الزوج لزوجته لخطاب تضمن ألفاظ جارحة ونزعات عدوانية صارخة مهينة لكرامة الزوجة وطعن في كبرياء مثلها ممن هو في نفس بيئتها وثقافتها ووسطها الاجتماعي.
يعد الإيذاء بالقول من الأضرار المادية التي يوقعها الزوج على زوجته.
ثانيا : إيذاء الزوج لزوجته بالفعل :
يتمثل الإيذاء بالفعل في كل فعل يأتيه الزوج بزوجته يتجاوز به حدود حقه الشرعي في تأديبها.
-  الإيذاء بالفعل متعدد الأشكال والأصناف ومنه ما هو إيجابيا ويتركز في أفعال مادية يأتيها الزوج ويوقعها بجسد زوجته وسلامته أو يوقعها على أموالها ،ومنها على سبيل المثال لا الحصر الضرب المبرح بمختلف طرقه ،وهو الضرب الذي يؤثر في سلامة جسم الزوجة ويغير لون الجلد أو يحدث بها ثمة إصابات أو يقوم بإتلاف منقولاتها عمدا مما يستوجب العقاب في ضوء قانون العقوبات المصري ،ومنها أيضا إتيان الزوجة في غير موضع الحرث أو إجبارها على مجالسة الرجال أو تحريضها على الفسق والدعارة ،وكذا الاستيلاء على أموال الزوجة ومنقولاتها ومصاغها أو التصرف في أموالها العقارية والمنقولة تصرفا ناقلا للملكية أو إخضاعها للرهن أو ما شابه ذلك دون علمها أو باستغلاله وكالة تم إلغائها في التصرف في أموالها ،وإجبارها على تسليمه مرتبها أو قيامه بصرفه وامتناعه عن تسليمه لها بما يشف عن عدم أمانته عليها ، وكذا أي تصرف للزوج يبين منه أنه يقصد به الكيد والانتقام من زوجته ،وهذه الأفعال تعد أضرارا مادية يلحقها الزوج بزوجته.
-  ومن الإيذاء بالفعل ما هو سلبي ويتمثل في أفعال يأتيها الزوج أو يمتنع عن إتيانها إلا أنه ترتب أضرارا بزوجته ومنها على سبيل المثال هجر الزوج للزوجة أو تراخيه في الدخول بها أو تشهيره بها أو استعداء السلطة عليها باتهامها بارتكاب الجرائم أو إفشاءه لأسرارها ولأسرار علاقتهما الزوجية ،وهذه الأفعال تعد أضرارا معنوية يلحقها الزوج بزوجته.
-  الهجر : إن هجر الزوج لزوجته يعد من أشد ضروب الضرر الذي ينال من الزوجة ومشاعرها إذ تشعر حينئذ أنها ليست مع زوج يمثل لها الحماية والأمن والسكن والطمأنينة تتمتع بعطفه وحنانه وعشرته ، ويشترط بداهة أن يكون الهجر واقع من الزوج على الزوجة وليس العكس ، فإن كانت هي التي هجرت مسكن الزوجية أو سافرت للعمل بدولة أخرى أو تواجدت بمكان آخر غير الذي يقيم فيه الزوج أو كان الزوج قد طالب زوجته بالنقلة إليه فامتنعت بغير حق وقضي بنشوز الزوجة لخروجها عن طاعة زوجها بحكم نهائي فلا يحق للزوجة طلب التطليق بسبب هجر الزوج لها لكون الضرر قائم من قبلها إذ هي التي هجرته.
- ويمثل الهجر ضررا للزوجة ولو لم يكن الزوج قاصدا إياه أو لم يقصد الزوج من وراء هجره لزوجته الإضرار بها وسواء كان بعذر أو بغير عذر طالما أن الهجر قد تحقق بالفعل وذلك على ما اعتمده بعض فقهاء المالكية الذي استمد منه القانون أحكام الطلاق للضرر استنادا إلي الحديث الشريف (لا ضرر ولا ضرار) ،وبأن الوطء يتعلق به حق الزوجة وبهجره لفراشها يكون قد فوت عليها ذلك الحق ولا يكون إمساكا لها بالمعروف ويتعين تسريحها ،وباعتبار أن الهجر ضرب من ضروب الضرر لدى المالكية ولجواز طلب التطليق للهجر فإن أقل مدة للهجر يجوز للزوجة بعدها طلب التطليق لهذا السبب هي ستة أشهر هجرية سابقة على رفع الدعوى إذ روي عن السيدة حفصة  أن هذه المدة هي أقصى ما تستطيع الصبر عليه من غياب زوجها واستقى منها الخليفة عمر رضي الله عنه هذه المدة فكان لا يجعل الجند لا يغيبون عن أزواجهم أكثر من ستة أشهر.
-  استقر القضاء على أن غيبة الزوج عن بيت الزوجية تعتبر هجرا محققا للضرر الموجب للتفريق وفقا للمادة السادسة محل التعليق ولا مجال لاستلزام غيبة الزوج أمد معين وفي بلد معين وإنما يترك للقاضي تقدير تحقق الضرر من جرائها ومدى احتمال الزوجة المقام مع توافر الضرر بها ،ومن ثم فقد يتحقق الهجر سواء أقام الزوج بذات البلد الذي تقيم فيه الزوجة أو خارجها ،ومفهوم البلد لا ينصرف إلي البلدان – الدول – بل قد يكون الزوجان في محافظة واحدة ويتحقق الهجر ، كما قد يكون الزوجان في منزل واحد ويتحقق الهجر المسبب للضرر وذلك بأن يهجر الزوج فراش الزوجية وأن يمتنع عن معاشرة زوجته ،ومنعه إياها مما تدعو إليه الحاجة الجنسية ،وذلك كله ما دامت لم تتوافر شروط التطليق للغيبة عملا بالمادة 12من المرسوم بقانون 25لسنة 1929.
- يرى بعض الفقهاء الأجلاء أن التطليق للضرر الناشئ عن هجر الزوج لزوجته لا يجوز طلبه إلا من الزوجة المدخول بها حقيقة وليس حكما لما من شأن هجر الزوجة المدخول بها أن يجعلها معلقة تخشى على نفسها من الفتنة ، وهو ما لا يتوافر بالقطع في حالة الزوجة غير المدخول بها ، إلا أننا نخالف هذا النظر ونرى أن للزوجة غير المدخول بها طلب التطليق للهجر لأن عدم إتمام الزيجة هو الآخر يعد من ضروب الهجـر فيحق للزوجـة غير المدخـول بها طلب التطليق للهجـر المتمثل في التراخي في الدخول إذ استقر القضاء على أن التراخي عمداً في إتمام الزوجية بسبب من الزوج يعد ضرباً من ضروب الهجر ، لأن استطالته لمدة تنال من الزوجة وتصيبها بأبلغ الضرر ،ومن شأنه أن يجعلها كالمعلقة فلا هي ذات بعل ولا هي مطلقة وليس من السائغ أن يتعلل الزوج بمبررات وحجج واهية كعدم العثور على مسكن مناسب لعدة سنوات إذ أن ذلك ليس للزوجة دخل فيه لاسيما وأن من واجب الزوج توفير وتهيئة المسكن الشرعي الذي يسعه وزوجته أو أن يتعلل بسفره للعمل لجمع المال إذ يجوز له أن يصطحب زوجته معه للمكان الذي يتواجد فيه.
- ومن جماع ما تقدم فإننا نستخلص أن الزوجة سواء مدخول بها أو غير مدخول بها يحق لها طلب الفرقة للضرر الواقع من جراء هجر الزوج لها أو تراخيه عمدا في الدخول بها ما دام ليس بسبب يرجع إليها.
-  التبليغ عن الجرائم :  وإن كان من الحقوق المباحة للأفراد ولا يرتب مسئولية جنائية أو تقصيرية إذا استعمل في الحدود التي رسمها القانون إلا أنه ومع كونه حقا مباحا فهو لا يتنافر مع كونه يجعل دوام العشرة بين الزوجين مستحيلا لما له من تأثير في العلاقة بين الزوجية لذا فإن اتهام الزوج زوجته بارتكاب الجرائم كأن يتهمها بالسرقة أو النصب أو الزنا أو بإحداث إصابات به يبيح للزوجة طلب التطليق منه للضرر لاسيما وأن الزوج بالنسبة لزوجته يمثل الحماية والأمن والسكن والسكينة وهو يتجافى مع استعدائه للسلطة ضدها طالبا توقيع العقاب عليها بما يجعله غير أمين عليها ولذا يجوز التفريق بينهما.
- تعدد الخصومات القضائية بين الزوجين : سواء أكانت خصومات جنائية أم مدنية يدل في حد ذاته على الشقاق بين الزوجين واحتدام الخلاف بينهما إذ أنه وبرغم كون اللجوء للقضاء هو حق مكفول للكافة إلا أنه وفيما يتعلق بالعلاقة الزوجية بين الزوجين لا يتنافى مع كونه يجعل دوام العشرة بينهما مستحيلا لما من شأن تعدد تلك الخصومات القضائية القائمة من تأثير في علاقتهما الزوجية ينال من الغرض من الزيجة ويحول بينها وبين تحقيقها لأهدافهـا المنشودة ويسبب ضـررا مبيحا  للتطليق ،ونرى أن الخصومات القضائية كصورة من صور الضرر يجب متبادلة بين الزوجين وليس قائمة من جهة الزوجة وحدها درءا لاختلاق الزوجة لها بغية التخلص من الزوجية.
-  ثبوت وقائع الإيذاء المشار إليها سواء كانت إيذاء بالقول أم إيذاء بالفعل حسبما سلف بيانه تكفي في حد ذاتها لحمل الحكم بالقضاء بالتطليق بسبب الضرر الواقع من الزوج على زوجته ما دامت قد أصرت الزوجة على طلب التطليق.
-  وإننا نرى أن الضرر قد يكون مباشرا كما في الأمثلة السابقة إذ جميعها ناتجة عن فعل ملموس مباشر وظاهر أحدثه الزوج بزوجته بقوله أو بفعله وهو أمر جلي وواضح ،وقد يكون الضرر ناتج عن فعل غير مباشر أو غير ملموس من الزوج ولم يقع منه على زوجته إلا أن هذا الفعل أيضا يرتب ضررا للزوجة يمكن أن أسميه ضررا غير مباشر ،ونرى أن من أمثلة أفعال الزوج غير المباشرة والتي قد تصيب الزوجة بالضرر أن يشتهر عن الزوج أنه يتاجر في المواد المخدرة أو يدمن تعاطي المخدرات أو يدير مكانا للدعارة أو ارتكب أفعالا مخلة بالحياء أو كان مختلسا أو سارقا أو محترفا للنصب والاحتيال ،وفي المجمل يمكن القول بأنه ما عسى أن يرتكبه الزوج مما يفسر قانونا بأنه جريمة مخلة بالشرف ،وتفسيرنا للضرر هنا – رغم كونه لم يقع على الزوجة من زوجها – أنه ما ينشأ عن ارتكاب الزوج للجرائم المشار إليها باعتبارها مخلة بالشرف من النيل من سمعة الزوجة وتلوثيها وما قد تلوكه ألسنة الناس عنها بوصفها بأنها زوجة مجرم أو سارق أو مدمن أو تاجر مخدرات أو ما شابه ذلك ،ومن ثم فإننا نرى أنه يجوز للزوجة في هذه الحالة طلب التطليق من زوجها لما أصابها من ضرر من سوء سمعته وارتكابه لجرائم مخلة بالشرف ، إلا أننا نرى أيضا أنه إذا كانت الزوجة تعلم قبل زواجها بالزوج بأنه مجرم أو ارتكب جريمة مخلة بالشرف وقبلت الزواج منه رغم علمها بذلك أو كانت قد علمت بذلك بعد الزواج وارتضت به وباستمرار زيجتها منه فلا يحق لها طلب التطليق منه للضرر الناشئ عن ذلك الفعل ويسقط حقها في طلب التطليق.
* كما أننا نرى أن من صور الضرر غير المباشر تقييد حرية الزوج إذا تم اعتقاله أو حبسه تنفيذه لعقوبة جنائية إذ أن ذلك بطبيعة الحال يؤدي إلي وقوع هجر للمدعية لا دخـل لها فيه لاسيما وأن حبسـه أو اعتقـاله مدة استطالت وتجاوزت ستة أشهر هجـرية يمكن أن يخشى فيها على الزوجة من الفتنة خاصة وأن ذلك الحبس كان بسبب فعل ارتكبه الزوج فإذا ما رأت المدعية أنها لا تستطيع المقام مع المدعى عليه بعد أن ابتعد عنها لحبسه أو اعتقاله بأمر السلطات الإدارية فلها أن تطلب التطليق منه للضرر بسبب وقوع الهجر إذ قد لا تتوافر للدعوى شروط التطليق للحبس عملا بالمادة الرابعة عشر من المرسوم بقانون رقم 25لسنة1929فقد يحبس الزوج لمدة أكثر من ستة أشهر ولم تصل إلي ثلاث سنوات المبيحة لطلب التطليق للحبس فيتحقق بذلك هجره للزوجة بما يبيح لها طلب التطليق للضرر عملا بالمادة السادسة كما أن اعتقال الزوج لا يبيح التطليق عليه إعمالا لنص المادة 14 المشار إليها ،وقد يلحق بالزوجة ضرر من غيبته عنها بسبب اعتقاله ،ومن ثم فتيسيرا على زوجة المعتقل يحق لها أيضا طلب التطليق للضرر وفقا للمادة السادسة ، إلا أننا نضيف على ما تقدم فيما يخص الزوج المحبوس بأنه لا يجوز للزوجة أن تطلب التطليق للضرر الناشئ عن هجر الزوج لها نتيجة حبسه تنفيذا لعقوبة جناية إذا ما كانت هي المتسببة في حبسه وهي التي طالبت به لجريمة ارتكبها الزوج في حقها كضربه لها أو تبديده منقولاتها إذ لا يجوز في رأينا أن تستند الزوجة إلي هجر الزوج لها لكونها هي التي سعت إلي حدوث هذا الهجر باستعدائها للسلطة على زوجها وسعيها نحو حبسه وبالتالي يتعين رفض طلبها بالتطليق إذا كانت تستند فيه لهجر الزوج وكانت هي المتسببة في حصول هذا الهجر بحبسها للزوج لارتكاب جريمة في حقها مع مراعاة ألا ينال ذلك من أن يكون لها الحق في التطليق للضرر الناشئي عن إيذاء الزوج لها بالقول أو الفعل والثابت بحكم جنائي مقضي فيه بحبس الزوج شريطة أن يكون باتا وليس بسبب الهجر الناشئ عن ذلك الحبس إذ يتوافر الضرر بثبوت واقعة الإيذاء كالضرب أو التبديد مثلا ولكن لا يتحقق الهجر في رأينا وفقا لما أوضحناه كما لا ينال ذلك من حقها بالتطليق للضرر لحبس الزوج وفقا لنص المادة 14متى توافرت شروط تطبيقها.
* إن الحكم الجنائي الصادر ضد الزوج من المحكمة الجنائية لاعتدائه على الزوجة أو تبديده أموالها مثلا له حجيته أمام القضاء الشرعي ومن المتعين أن تكون وقائع الاعتداء التي تستند إليها الزوجة في طلبها التطليق هي ذاتها التي كانت تشكل موضوع الدعوى الجنائية وفي هذا الأمر تقول محكمة النقض أن الحكم الجنائي تكون له حجية في الدعوى المدنية طالما فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلي فاعله فإذا ما فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتد بها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتعلقة بها لكي لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له ،ويتعين أن يكون الحكم الجنائي بات ليحوز الحجية أمام القضاء الشرعي ،وعلى ذلك فإنه إذا ما قدمت الزوجة ضمن مستندات دعواها ما يفيد صدور حكم جنائي بات ضد زوجها بتهمة التعدي عليها بالضرب أو تبديد منقولاتها فإن المحكمة في هذه الحالة يتعين عليها أن تلتزم بهذا القضاء الجنائي إذ يكون ذلك القضاء قد فصل في واقعة اعتداء الزوج على زوجته بالضرب أو تبديده لمنقولاتها وأموالها حائزا بذلك للحجية أمام القضاء المدني بما يمتنع معه على محكمة الأسرة حال نظر دعوى التطليق أن تعيد بحث هذه الواقعة ويتعين أن تلتزم بحكم القاضي الجنائي إذ يكفي ذلك القضاء لحمل الحكم بالتطليق.
-  ونرى أن امتناع الزوج عن الإنفاق على زوجته هو صورة من صور الضرر المُوجب للفرقة بين الزوجين إلا أن المحكمة لا يتعين أن تبني قضاءها بالتطليق للضرر على السبب القائم على عدم الإنفاق منفردا إذ لا يكفي هذا السبب بذاته لحمل الحكم بالتطليق للضرر،وذلك لكون التطليق للضرر يقع بائنا أما التطليق لعدم الإنفاق يقع رجعيا ،ومن ثم فإنه يتعين هنا أن يكون مبنى الضرر في الدعوى أسـبابا أخرى بالإضافة إلي السبب المتمثل في عدم الإنفاق كالضرب أوالسب أوالهجر كي تنزل المحكمة على الدعوى حكم القانون ،وتُعمِل فيها نص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم25لسنة1929وتقضي بالتطليق طلقة بائنة إذا ثبُتت تلك الأسباب مجتمعة ، أما إذا كان السبب الوحيد لرفع دعوى التطليق هو عدم إنفاق الزوج دون أسباب أخرى تمثل ضررا أو كانت المدعية قد استندت إلي عدة أسباب للضرر من بينها عدم الإنفاق إلا أنها قد عجزت عن إثبات الضرر الناشئ عن تلك الأسباب واستطاعت إثبات عدم الإنفاق فقط فإن المحكمة في هاتين الحالتين يتعين عليها أن تُعمل في الدعوى نص المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 25لسنة 1920وما يليها من نصوص مرتبطة بها إسباغا منها للتكييف القانوني الصحيح للدعوى وأن تقضي بالتطليق رجعيا وليس بائنا. 
* ونرى أيضا  أنه وإن كان حق الزوجة في طلب التطليق للضرر ينشأ بوقوع ضرر عليها من الزوج إلا أن هذا الحق يسقط بتصالح الزوجة مع زوجها بعد وقوع الضرر إذ أثر الصلح بينهما هو انتهاء الخلاف وعودة الوئام إلي الحياة الزوجية بين الزوجين المتناحرين فالصلح يحسم النزاع والخلاف ،ومن ثم فلا يحق للزوجة أن تطلب التطليق استنادا إلي ضرر تم التصالح بشأنه بينها وبين زوجها إذ نرى أنه لا يجوز أن يظل هذا الضرر الواقع في الماضي من الزوج سيفا مسلطا على رقبته مدى الحياة ومهددا لاستقرار الحياة الزوجية وقت أن ينشب أي خلاف بينه وبين زوجته كما نرى أن عودة الزوجة إلي حياتها الزوجية مع الزوج ينم عن رغبتها في استمرار الزيجة ويفيد اسقاطها لحقها في طلب التطليق ،ولما كانت القاعدة الأصولية أن الساقط لا يعود ،وكانت الزوجة قد أسقطت حقها في طلب التطليق من زوجها بتراضيها وتصالحها معه ،ومن ثم فلا تجاب إلي طلبها بالتطليق للضرر الواقع في الماضي إذا كانت قد تصالحت مع الزوج بعده واستمرت معه في حياتها الزوجية بعد وقوع الضرر وتصالحهما عليه ، مع مراعاة ألا ينال ذلك من حق الزوجة في أن تطلب التطليق للضرر إذا قام الزوج بإيذائها مرة أخرى بعد الصلح بينهما إلا أنه يتعين عليها أن تستند إلي وقائع الإيذاء اللاحقة على الصلح وليس السابقة عليه ،وقد أخذت محكمة النقض في بعض أحكامها برأي آخر مخالف لرأينا وقضت بأن عودة الزوجة إلي مسكن الزوجية بعد وقوع الضرر لا يسقط حقها في طلب التطليق "الطعن رقم 459 لسنة 66 ق".
- إن استعمال الزوج لحقه في دعوة الزوجة للدخول في طاعته لا يعدو سوى كونه استغلال لحق خولته إياه الشريعة الإسلامية ولا يعد ذلك في حد ذاته من دواعي الإضرار بزوجته.
- يحق للزوجة أن ترفع دعوى جديدة بطلب التطليق للضرر الذي قد يلحقه الزوج بها مرة أخرى بعد رفض دعواها الأولى أو بعد تصالحها مع زوجها عن وقائع الضرر السابقة – وفقا لرأينا السابق - وتجاب إلي طلبها إذا أثبتت وقائع الإيذاء المبيح للتطليق مع مراعاة توافر الشروط الآتية :
1.     أن تكون وقائع الإيذاء التي تستند إليها الزوجة في طلبها التطليق للضرر لاحقة على وقائع الإيذاء التي استندت إليها في دعوى سابقة بالتطليق للضرر قُضي برفضها أو تصالحت الزوجة مع زوجها أثناء نظرها فقُضي بانتهاء الخصومة صلحا أو شطب الدعوى كطلب الزوجين لتصالحهما فالشطب أثره استبعاد القضية من جدول القضايا المتداولة أمام المحكمة أو باعتبارها كأن لم تكن بما مؤداه زوال الخصومة وإلغاء جميع إجراءاتها عدا ما قد يكون قد صدر فيها من أحكام قطعية.
2.     أن تختلف وقائع الإيذاء المستند إليها في الدعوى الجديدة عن الوقائع التي كانت قد رفعت بها الدعوى السابقة وإلا كانت تلك الوقائع قد اشتملتها الدعوى السابقة.
3.     أن ترتقي وقائع الإيذاء إلي الحد المبيح لطلب التطليق للضرر على النحو الذي بيناه سلفا فيتعين أن تتوافر فيها شروط الضرر ومعياره.
4.     أن تثبت الزوجة وقائع الإيذاء اللاحقة وأنها قد أصابتها بضرر لا يستطاع معه دوام العشرة.
5.     أن تعجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين.
6.     أن تتقدم الزوجة بطلباً جديدا لتسوية النزاع بشأن التطليق للضرر اللاحق دونما الاعتماد على طلب التسوية السابق ، وعلى سبيل المثال أن ترفع الزوجة دعواها بطلب التطليق للضرر المتمثل في الضرب والسب وتعجز عن إثبات ما ادعته فتقضي المحكمة برفض الدعوى ثم تقيم الزوجة دعوى جديدة بطلب التطليق للضرر المتمثل في الضرب والسب الذي يوقعه الزوج عليها عقب رفض دعواها الأولى وتتمكن المدعية من إثبات تلك الوقائع ومن ثم فتجاب إلي طلبها بالتطليق ، أما إذا استندت الزوجة إلي ذات الوقائع التي أقامت بها الدعوى الأولى دون مغايرة أو تجدد في وقائع الإيذاء ومن ثم فإن الحكم برفض دعوى التطليق الأولى يحوز الحجية وقوة الأمر المقضي إذا ما صار نهائيا ويتعين الحكم بعدم جواز نظر الدعوى الثانية لسابقة الفصل فيها بالدعوى الأولى.
- انتفاء الشرطين الأول والثاني سالفي البيان مؤداه عدم جواز نظر دعوى التطليق اللاحقة لسبق الفصل فيها بدعوى التطليق السابقة.
-  وتجدر الإشارة إلي أنه قد تنتهي الدعوى الأولى بطلب التطليق صلحا بين الطرفين بأن يقرا بالتصالح وعودة الوئام والحياة الزوجية بينهما فتنتهي الخصومة صلحا أو يتم شطب الدعوى لتصالح الزوجين فإذا ما أقامت الزوجة بعد ذلك بطلب التطليق للضرر عن ذات الوقـائع التي استندت إليها في دعـواها الأولى المنتهيـة صلحـا بينها وزوجـها فإننا نرى أنه يتعين رفض دعوى التطليق للضرر ما دامت الوقائع المستند إليها ليست وقائع جديدة عن الوقائع التي تم الصلح بشأنها حسبما سلف بيانه.
سادسا : إثبات الضرر المدعى به :
·         الضرر كما أوضحنا هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها بمعاملتها معاملة تعد في العرف شاذة تشكو منها ولا ترى الصبر عليها.
·         مجرد وقوع الضرر كاف لطلب التطليق فلا يمنع من القضاء بالتطليق توقع زوال الضرر أو محاولة رأبه وإصلاحه ما دام قد لحق بالزوجة عاقبته.
·         استعمال الزوج لحقه في دعوة الزوجة للدخول في طاعته لا يعدو سوى كونه استغلال لحق خولته إياه الشريعة الإسلامية ولا يعد ذلك في حد ذاته من دواعي الإضرار بزوجته.
·         إذا تعدى الزوج على زوجته ورفعت أمرها إلى القاضي وأثبتت تعديه عليها - ولكنها تختار البقاء معه - كان لها أن تطلب من القاضي تأديبه وزجره ليكف عن أذاه لها.
·         عبء إثبات الضرر في جميع الأحوال يقع على عاتق الزوجة المدعية بوقوع ضرر عليها من زوجها إعمالا للقاعدة العامة بأن البينة على من ادعى فيتعين على الزوجة أن تثبت للمحكمة أن زوجها قد أوقع بها ضررا منهي عنه شرعا لقبول دعواها بطلب التطليق وإجابتها إليه.
يثبت الضرر بكافة طرق الإثبات المقررة قانونا ومنها شهادة الشهود والقرائن وصدور أحكام حائزة لقوة الأمر المقضي وبالإقرار والاستعانة بأهل الخبرة ،وفي رأينا يثبت أيضا باليمين إذا كان توجيه اليمين على واقعة من وقائع الضرر وكانت لا تمثل جريمة ،وفيما يلي بيان مبسط لطرق إثبات الضرر المدعى إيقاعه من الزوج على زوجته المبيح لطلب التطليق نأمل أن يكون مفيدا ونوضحه في عدة نقاط :
 -  الإثبات بالبينة وبعض قواعده :
البينة الشرعية على من ادعى ونصابها رجلان أو رجل وإمرأتان ،ومن ثم يثبُت الضـرر بشهادة الشهود وذلك بشهادة رجلين أو رجـل وامرأتين لاسيما وأن المشـرع وإن أخذ بمبدأ التطليق للضرر مستقيا إياه من مذهب الإمام مالك إلا أنه لم يجعل إثبات الضرر خاضعا لقواعد ذات المذهب ،ومن ثم فإنه يرجع فيما لم يرد بشأنه نص في قوانين الأحوال الشخصية لأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة كما يتعين تطبيق أحكام قانون الإثبات عملا بالمادتين الأولى والثالثة من مواد إصدار القانون رقم 1لسنة2000،وتجدر الإشارة في هذا الشأن أنه لا تعارض بين إعمال أحكام قانون الإثبات وبين الأخذ بأرجح الأقوال في المذهب الحنفي لإثبات الضرر إذ فرق المشرع المصري في الإثبات بين الدليل وإجراءات الدليل في مسائل الأحوال الشخصية فأخضع إجراءات الإثبات كبيان الوقائع وكيفية التحقيق وسماع الشهود وغير ذلك من الإجراءات الشكلية لقانون المرافعات أما قواعد الإثبات المتعلقة بذات الدليل كبيان الشروط الموضوعية اللازمة لصحته وبيان قوته وأثره القانوني فقد أبقاها المشرع على حالها خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية لأنها القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية فتصدر فيها الأحكام وفقا لأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة.
Ø      إذا خلت أوراق الدعوى من ثمة أدلة قاطعة على وقوع الضرر يمكن بناء الحكم عليها  فيتعين على المحكمة أن تصدر  حكما تمهيديا في الدعوى بإحالتها للتحقيق كي
Ø      تثبت الزوجة بشهادة الشهود أن زوجها قد أوقع بها ضررا وماهية هذا الضرر وطبيعته وأنه حال قيامه لا يستطاع دوام العشرة بين أمثالهما وتصرح للزوج بالنفي بذات الطريق.
Ø      يثبت الضرر بشهادة الشهود ويجب أن يكون الشهود رجلين أو رجل وامرأتين كما أسلفنا القول.
Ø      لا يثبت الضرر بشهادة النساء منفردات فلا يجوز سماع شهادة أربع سيدات لإثبات الضرر.
Ø      يجوز سماع شهادة المرأتين منفردتين إلا أنه من الأفضل سماع شهادتهما مجتمعتين فاشتراط سماع شهادتهما مجتمعتين لا يكون إلا إذا جاءت أقوالهما غير متطابقة أما إذا اتفقت أقوالهما فإن موجب عدم التفريق بينهما عند الشهادة يكون منتفيا.
Ø      لا تجوز شهادة الأبناء أو الوالدين لإثبات أو نفي الضرر المدعى به لاسيما وأنه من المقرر في الفقه الحنفي أن شهادات سائر القرابات بعضهم لبعض مقبولة عدا شهادة الأصل لفرعه والفرع لأصله وأحد الزوجين لصاحبه.
Ø      الأصل في الشهادة هو معاينة الشاهد محل الشهادة بنفسه عينا أو سماعا فلا تصح الشـهادة بالتسامع في دعوى التطليق للضرر وتضحى الشـهادة غير جائزة.
Ø      الشهادة بالتسامع غير الجائزة في دعوى التطليق للضرر هي ما يتناقله الناس عن الواقعة المراد إثباتها وهي أدنى درجات الشهادة لأن الشاهد يشهد بما سمعه رواية عن غيره الذي عاين الواقعة المشهود بها بنفسه عينا أو سماعا مباشرا.
Ø      يتعين أن يكون الشاهد مسلما ما دام المشهود عليه مسلما لأن الشهادة من باب الولاية ،ولا ولاية لغير المسلم على المسلم.
Ø      يجب أن يكون الشاهد عالما بالمشهود به وبطرفي الخصومة ،ويكفي في الشهادة أن يكون من شأنها أن تؤدي إلي الحقيقة فلا يجب أن ترد على الواقعة المطلوب إثباتها بجميع تفاصيلها.
Ø      يشترط لقبول الشهادة وفقا للمقرر في المذهب الحنفي أن تكون موافقة للدعوى فيما تشترط فيه الدعوى فإن خالفتها لا تقبل ،وقد تكون الموافقة تامة بأن يكون ما شهد به هو عين ما ادعاه المدعي ،وقد تكون الموافقة ببعض الدعوى وتسمى موافقة تضمنية وهي تُقبل اتفاقا ويأخذ القاضي بما شهد به الشهود باعتباره القدر الثابت من المدعي بالبينة ولا تلزم الموافقة في اللفظ بل تكفي الموافقة في المعنى المقصود سواء اتحدت الألفاظ أو تغايرت.
Ø      يكفي لاكتمال نصاب الشهادة في دعوى التطليق للضرر أن تتفق شهادة الشهود إيذاء الزوج زوجته على وجه معين تتضرر منه دون أن يشترط لذلك أن تنصب شهادتهم على كل واقعة من (4) الوقائع التي تشكل الإيذاء باعتبار أن تلك الوقائع ليست بذاتها مقصود الدعوى بل هي تمثل في مجموعها سلوكا تتضرر منه الزوجة ولا يقره الشرع ،وعلى سبيل المثال يجوز التعويل في الإثبات على شهادة شاهدين أحدهما سمع الزوج يسب زوجته في واقعة حدثت في زمان ومكان معين ،والثاني رأى الزوج حال تعديه بالضرب على الزوجة في واقعة أخرى حدثت في زمان ومكان آخر.
Ø      بينة الإثبات مقدمة دائما على بينة النفي ومرجحة عليه لأن الأصل أن البينات شُرعت للإثبات وليس للنفي فإذا ما تساوت شهادة شهود الزوجة في إثبات عناصر الضرر المدعى به مع شهادة شهود الزوج المدعى عليه في نفيهم للضرر المدعى به فالراجح أن تأخذ المحكمة بأقوال شهود الزوجة المدعية دون شهود النفي ،وذلك كله خاضعا لتقدير محكمة الموضوع.
Ø      وأخيرا فإن تخلف الخصم عن إحضار شاهده في الجلسة المحددة للتحقيق وفي الجلسة التالية رغم إلزامه من المحكمة أثره سقوط حقه في الاستشهاد به ،وعلى ذلك فإن تخلفت الزوجة المدعية بوقوع ضرر عليها من زوجها عن إحضار شهودها بجلسة التحقيق الأولى أمهلتها المحكمة جلسة أخرى لإحضار الشهود فإن تخلفت في الجلسة الثانية عن إحضارهم فلا إلزام على المحكمة أن تؤجل التحقيق مرة أخرى للشهود ولو كان أجل التحقيق ما زال قائما وممتدا إذ الأمر هنا يرجع لتقدير المحكمة،ومن ثم فإن عدم إحضار الزوجة لشهودها بجلسات التحقيق رغم إمهالها الأجل المناسب لإحضارهم يسقط حقها في الاستشهاد بهم ،وتقضي المحكمة برفض دعواها إذا خلت من ثمة دليل آخر على وقائع الضرر المدعى به يمكن للمحكمة أن تعول عليه في تكوين عقيدتها بتحقق الضرر من الزوج على زوجته.
  الإقرار وبعض قواعده  :    
v     الإقرار شرعا هو ثبوت حق للغير على نفس المقر وليس إنشاء للحق.
v     الإقرار القضائي هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة.
v     محل الإقرار يجب أن ينصب على الواقعة القانونية أو المادية المدعى بها.
v     إقرار الخصم بواقعة أمام القضاء حجة عليه عن الشيء الذي أقر به شريطة ألا يكذبه ظاهر الحال.
v     الإقرار يصح في غير مجلس القضاء فالإقرار الذي يصدر في غير مجلس القضاء يعتبر بمثابة عمل من أعمال التصرف إلا أنه حجة قاصرة وليست قاطعة وفي هذه الحالة يجوز إثباته بالبينة ويكون المقر فيها كأنه أقر أمام القاضي.
v     الإقرار القضائي أو غير القضائي تصرف قانوني من جانب واحد يتضمن نزول المقر عن حقه في مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه بما ينبني عليه إقالة خصمه من إقامة الدليل على الواقعة محل الإقرار.
v     الإقرار الذي يصدر في مجلس القضاء في قضية أخرى ولو كانت بين نفس الخصوم يعد في الدعوى المطروحة على المحكمة إقرارا غير قضائي وكذا الإقرار الصادر في خطاب أو في تحقيق تجريه النيابة أو في محضر جمع استدلالات أو في تحقيق إداري.
v     نرى أن الإقرار قد يكون متاحا في دعاوى التطليق للضرر وقد كشف عنه الواقع العملي بمحاكم الأسرة إذ قد تطلب الزوجة التطليق لإيذاء الزوج لها بالضرب أو السب أو هجر منزل الزوجية فيمثل الزوج أمام المحكمة ويقر بضربه لزوجته أو سبه لها أو هجره لفراشها ومن ثم فيمكن للمحكمة أن تعول على إقراره باعتباره قد صدر في مجلس القضاء ولكونه حجة عليه.
v     كما أنه قد يقر الزوج في دعوى أخرى مدنية كانت أم جنائية بإتيانه فعل يمثل ضررا مبيح للتطليق كأن يضرب الزوج زوجته ضربا مبرحا محدثا بها إصابتها فتقيم عليه جنحة ضرب فيمثل الزوج ويقر بواقعة الضرب ثم تتصالح الزوجة معه تفاديا لحبسه وعدم الإضرار بصغاره فيقضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح ، وأيضا قد يقر الزوج في محضر جمع الاستدلالات بضرب زوجته أو سبها أو أي واقعة تمثل إيذاء لها ، أو أن يقر الزوج في مجلس عرفي أمام شهود المدعية بأنه قد تعدى عليها بالضرب أو السب أو أنه قد هجر فراشها ،ولقد صادفني في العمل بمحاكم الأسرة أن أقر الزوج أمامنا في دعوى التطليق للضرر المرفوعة من زوجته بأنه قد ضربها ضربا مبرحا وسبها بألفاظ جارحة مبررا ذلك بأنها قد استفزته وأخرجته عن شعوره كما أقر زوج آخر بأنه قد هجر فراش زوجته المدعية مدة طويلة وأقر ثالث بأنه لم يجهز مسكن زوجية المدعية رغم عقد قرانه عليها منذ أكثر من سنتين ،وأيضا أقر كثيرون من الأزواج في محاضر جمع الاستدلالات بالتعدي على زوجاتهن بالضرب والسب كما كشفت أقوال الشهود أثناء تحقيق المحكمة في دعاوى التطليق للضرر أن يشهد شاهد بأن الزوج قد أقر أمامه في مجلس للصلح بينه وبين زوجته أنه قد ضربها أو سبها بما لا يليق بمثلها أو ما شابه ذلك من عناصر الضرر.
 القرائن وقوة الأمر المقضي به  :  
·         القرينة هي استنباط الشارع أو القاضي لأمر مجهول من أمر معلوم وهي بذلك دليل غير مباشر لأنها لا تؤدي إلي ما يراد إثباته مباشرة بل تؤدي إليه بالواسطة أو الأمر المعلوم وهي نوعان أما قرينة قانونية إما قرينة قضائية.
·         القرائن القضائية نوعان أحدهما بسيطة أو غير قاطعة ويجوز نقضها بالدليل العكسي أما ثانيهما فهي قرينة قاطعة مثل قرينة حجية الأمر المقضي أو القرينة الناشئة عن النكول عن حلف اليمين.
·         القرائن القضائية أو الموضوعية هي التي يستنبطها القاضي من موضوع الدعوى وظروفها فهي دليل غير مباشر لأن الإثبات فيها لا يقع على الواقعة ذاتها مصدر الحق وإنما على واقعة أخرى إذا ثبتت أمكن أن يستخلص منها ثبوت الواقعة المراد إثباتها.
·         للقاضي أن يستنبط القرينة التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته من أي تحقيق قضائي أو إداري أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين أمام النيابة في التحقيق الذي أجرته ،وكذا من وقائع الدعوى ومسلك الخصوم فيها والصور الضوئية للمستندات العرفية وخلافه.
·         قد تستند في إثبات وقائع إيذاء الزوج لها واعتداءه عليها بالضرب مثلا إلي سبق صدور حكم جنائي ضده لثبوت اعتدائه عليها بالضرب ، وأن الحكم الجنائي الصادر ضد الزوج من المحكمة الجنائية لاعتدائه على الزوجة له حجيته أمام القضاء الشرعي ومن المتعين أن تكون وقائع الاعتداء التي تستند إليها الزوجة في طلبها التطليق هي ذاتها التي كانت تشكل موضوع الدعوى الجنائية وفي هذا الأمر تقول محكمة النقض أن الحكم الجنائي تكون له حجية في الدعوى المدنية طالما فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلي فاعله فإذا ما فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتد بها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتعلقة بها لكي لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له ، ويتعين أن يكون الحكم الجنائي بات ليحوز الحجية أمام القضاء الشرعي ،وعلى ذلك فإنه إذا ما قدمت الزوجة ضمن مستندات دعواها ما يفيد صدور حكم جنائي بات ضد زوجها بتهمة التعدي عليها بالضرب أو تبديد منقولاتها فإن المحكمة في هذه الحالة يتعين عليها أن تلتزم بهذا القضاء الجنائي إذ يكون ذلك القضاء قد فصل في واقعة اعتداء الزوج على زوجته بالضرب أو تبديده لمنقولاتها وأموالها حائزا بذلك للحجية أمام القضاء المدني بما يمتنع معه على محكمة الأسرة حال نظر دعوى التطليق أن تعيد بحث هذه الواقعة ويتعين أن تلتزم بحكم القاضي الجنائي إذ يكفي ذلك القضاء لحمل الحكم بالتطليق.
·         أما إذا لم يصل الحكم الجنائي إلي مرتبة صيرورته باتا فيجوز للمحكمة أن تستند إليه كقرينة ضمن قرائن أخرى قائمة في الدعوى تكشف عنها مستنداتها وذلك لحمل الحكم بالتطليق.
 الاستعانة بأهل الخبرة  : 
·         يجوز للقاضي أن يستعين بأهل الخبرة من الأطباء لإثبات الضرر الناشئ عن إتيان الزوج لزوجته في غير موضع الحرث وأيضا خبراء أبحاث التزييف والتزوير لإثبات ما عساه أن يكون الزوج قد ارتكب من أفعال تمثل عدم أمانته على أموال زوجته كتزوير توقيعها مثلا كما يمكن للمحكمة ندب الخبيرين النفسي والاجتماعي المعاونين لها لبحث حالة الزوجين المتناحرين وإعداد تقرير بنتيجة بحثهما فقد يفيد ذلك التقرير في وقوف المحكمة على عناصر الدعوى وإجابة المدعية إلي طلب التطليق أو عدم إجابتها إليه لكون ذلك التقرير هو ورقة من أوراق الدعوى الموضوعة تحت بصر المحكمة وبصيرتها.
  اليمين  :   
ü      اليمين هي إخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالى على صدق الخبر فلا تعتبر عملا مدنيا فحسب بل هي أيضا عمل ديني فطالب اليمين يلجأ إلي ذمة خصمه والحالف عندما يؤدي اليمين إنما يستشهد بالله ويستنزل عقابه.
ü      اليمين القضائية نوعان يمين حاسمة وأخرى متممة ،والأولى هي التي يوجهها الخصم إلي خصمه عندما يعوزه الدليل وهي ليست دليلا يقدمه المدعي على صحة دعواه بل هي طريقة احتياطية لا تخلو من مجازفة يلجأ إليها المدعي عندما يعوزه كل دليـل آخر على صحة الدعوى ،وقد ورد بقانون الإثبات قـواعد توجـيه اليمين الحاسمة وشروط توجيهيا وأثرها في الإثبات من حسم النزاع فيما انصبت عليه ويعتبر مضمونها حجة ملزمة للقاضي إقرارا بدعوى المدعي أو إنكارا لها كما يسقط حق من وجهها في التمسك بدليل آخر سواها أما الثانية – اليمين المتممة – فهي إجراء يتخذه القاضي من تلقاء نفسه رغبة منه في تحري الحقيقة ليستكمل دليلا ناقصا في الدعوى وهذه اليمين وإن كانت لا تحسم النزاع إلا أن للقاضي بعد حلفها أن يقضي على أساسها باعتبارها مكملة لعناصر الإثبات الأخرى القائمة في الدعوى ليبني على ذلك حكمه في موضوعها.
ü      من المتصور أن توجه المحكمة للزوجة أو الزوج يمينا متممة إذا كانت الدعوى بها أدلة ناقصة لا تكفي لحمل الحكم بالتطليق ،ونضرب لذلك مثلا بأن الزوجة قد تحررمحضرا ضد زوجها تتهمه فيه بطردها من مسكن الزوجية فيجوز في رأينا أن توجه المحكمة للزوج يمينا متممة بشأن واقعة طرد الزوجة من مسكن الزوجية فإن حلف الزوج بأنه لم يطردها سارت المحكمة في إجراءات الإثبات العادية ، وإن نكل عن حلفها يكون قد اكتمل أمام المحكمة الدليل على واقعة الضرر المدعى به ألا وهو الطرد من مسكن الزوجية ،ويمكنها أن تقضي بالتطليق في هذه الحالة دونما الحاجة إلي اللجوء لطرق إثبات أخرى ،ونشير إلي أن توجيه اليمين المتممة وإن كان من النادر حدوثها في الواقع العملي إلا أن ذلك لا يمنع من تلجأ إليها المحكمة متى رأت أنها قد تساند الأدلة الناقصة في الدعوى.
ü      أما اليمين الحاسمة فإننا نرى أنه يجوز للزوجة أن توجه اليمين الحاسمة لزوجها بشأن إثبات وقائع الضرر التي لا تشكل جريمة معاقب عليها قانونا كأن توجه له اليمين بأنه قد هجرها أو تراخى في الدخول بها وينحسم النزاع في الدعوى بحلف الزوج اليمين أو نكوله عنها دون ردها على الزوجة ، لاسيما وأن مضمون اليمين هو حجة ملزمة للقاضي ،ومن ثم فيحق للمحكمة أن تقضي في الدعوى مباشرة استنادا لتلك اليمين دون اتخاذ أي إجراء آخر من إجراءات الإثبات إلا أنه يراعى في ذلك ألا تكون اليمين الحاسمة قد وجهت على سبيل الاحتياط كأن تكون الزوجة قد طلبت أصليا إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات عناصر الضرر وطلبت احتياطيا توجيه اليمين الحاسمة بشأن واقعة من وقائع الضرر ففي هذه الحالة لا يجوز أن تجيبها المحكمة إلي طلبها الاحتياطي وتوجه اليمين للزوج إذ لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط.
 سابعا :  تقدير الضرر :
Ø      المناط في التطليق بسبب الضرر هو وقوعه فعلا ولا يمنع من التطليق توقع زواله أو محاولة رأبه طالما هو صادف الضرر محله وحاق بالزوجة عاقبته ، وإذا استندت الزوجة إلي طلب التطليق للضرر لعدة أسباب فيجب أن تبحث المحكمة الأسباب التي سيقت بها الدعوى وأن تتعرض إليها وترد عليها جميعا وإلا كان حكمها قاصرا.  
Ø      العبرة في الدعوى بحقيقة الطلبات المقدمة فيها وليس بالألفاظ التي تصاغ فيها هذه
Ø      الطلبات كما أن تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الحق هو من سلطة محكمة الموضوع.
Ø      محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين ، وكذا لها السلطة التامة في تقدير عناصر الضرر الموجب للتطليق وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة إليها وترجيح ما تطمئن إليه منها وفي استنباط القرائن ، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ولم تعتمد على واقعة بغير سند.
Ø      للمحكمة السلطة التامة في تقدير ما إذا كان تأديب الزوج زوجته بالضرب يتوقف عليه رجوع الزوجة عن نشوزها وما إذا كان قد تجاوز في استخدام هذا الحق وأن يكون قد سلك قبله طريق الموعظة الحسنة والهجر في المضاجع.
Ø      ليس على محكمة الموضوع أن تتتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم في الدعوى أو الرد على كل حجة أو طلب أثاروه ما دام في الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها ردا ضمنيا مسقطا لتلك الأقوال والحجج والطلبات ، كما أن المحكمة غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إليى مقتضياته وحسبها أن تقيم قضاءها وفقا للأدلة والمستندات المطروحة عليها.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أركان جريمة القبض والاحتجاز بدون وجه حق

جريمة الإدلاء ببيانات كاذبة أو غير صحيحة بوثيقة الزواج

كل ما تريد معرفته عن إبطال عقد الزواج للغش والتدليس