اسباب البراءة في تزوير المحررات العرفية
يقدمها لكم : محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا .
1 -السؤال التالي وردالينا من المواطن / سيد أ م م
، من مدينة السادات محافظة المنوفية وفيه يقول : كنت اداين احد الأشخاص بمبلغ 657
الف جنية بموجب ايصالي امانة الأول بمبلغ 500 الف والثاني بمبلغ 157 الف جنية ،
وبناء على اتفاق مع هذا الشخص طلب منى ادماج الايصالي في إيصال واحد ، وبناء على
هذا تم تعديل الإيصال الذي كان بـ 156 الي 657 الف عن طريق تعديل المبلغ بالأرقام
والحروف ، وعقب ذلك رفض هذا الشخص رد المبلغ فقمت برفع جنحة ضده وقام بالطعن
بالتزوير على الايصال وتم إحالة الأوراق للطب الشرعي الذي اثبت ان هناك تعديل تم
بالإيصال وبناء عليه صدر لصالحه حكم بالبراءة ، وتم احالتى للنيابة عن واقعة تزوير
سند الدين ، ياتري الحل ايه كنت صاحب حق وبقيت متهم ، ارجو الرد علي سؤالي ؟
الجواب : للقارئ الكريم نقول اننا
هنا وفقاً لما جاء بروايتك فأننا نكون بصدد اتهام موجه اليك بتزوير محرر عرفي (
إيصال الأمانة ) والذي تم تقديمة الي المحكمة والذي تم الطعن عليه بالتزوير ،
وبناء على ذلك تم احالتك الى المحاكمة بتهمة تزوير استعمال المحرر العرفي المزور ،
ومن خلال السطور القادمة سنحاول إيضاح الأسباب التي يمكن الحصول من خلالها على حكم
بالبراءة في تهمة التزوير .
-
الدفع بإنتفاء الركن المادي المكون لجريمة التزوير ( تغيير حقيقة
المحرر ) المنصوص عليها في المادة 215
عقوبات .
حيث
جاء بنص المادة 215 من قانون العقوبات (كل شخص أرتكب تزويرًا فى محررات أحد الناس
بواسطة إحدى الطرق السابق بيانها أو استعمل ورقة مزورة وهو عالم بتزويرها يعاقب
بالحبس مع الشغل .)
ويستفاد من هذا النص
انه يشترط أن يكون المحرر المستعمل مزورا ، أي أن يتوافر في المحرر جميع الأركان
اللازمة لوجود جريمة التزوير ، وهي تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق التي نص
عليها القانون ، مع وجود القصد الجنائي
الذي من شانه إحداث ضرر.
ومن قضاء محكمة النقض
في اشتراط أن يكون المحرر المستعمل محررا مزورا بأحد الطرق التي نص عليها القانون
.( بأن كل إضافة على صك عرفي من شانها تغيير مركز الطرفين هي تزوير
يستوجب العقاب )
( الطعن رقم 232 لسنه
72 ق جلسة 3/5/2003 )
( من المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق
المنصوص عليها فى القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب
عليه في الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير سواء كان المزور عليه أم أي
شخص وكان هذا الضرر محتملا )
( الطعن رقم 1326 لسنه 72 ق جلسة 5/12/2002 )
( الطعن رقم 572 لسنه
69 ق جلسة 198/1/2001 )
(
ان تقدير تغيير الحقيقة في محرر عرفي من اطلاقات محكمة الموضوع متى كان تسبيبها
سائغا )
( الطعن رقم 971 لسنه 40 ق جلسة 12/10/1981 )
اما اذا كان فعل
التعديل الذي تم بالمحرر تم بناء على رغبة وبعلم طرفيه فانه لا تتحقق جريمة
التزوير ، ومن منطلق ان هذا السند جاء معبر عن رغبة اطرافه .
ويقول الاستاذ الدكتور/ رؤوف عبيد في مرجعه شرح قانون
العقوبات صفحة 465 طبعة 2003 في هذا الشأن:
( اذا انتفى الاسناد الكاذب في المحرر فلا يتحقق تغيير
الحقيقة ولا يصح القول بوقوع تزوير فالتزوير ينعـدم متى كان المحرر مطابقا لإرادة
من نسب اليه معبرا عن مشيئته ، ومن ثم فلا يرتكب تزويرا من يضع امضاء شخص برضائه في
محرر لأنه لا يغير الحقيقة التي تتضمن نسبة المحرر الى صاحبه الذى رضى بذلك )
وهذا المبدأ ارسته محكمة النقض من اكثر من اربعين عاما
حينما قضت بانه :
( اذا كان
المحرر عرفيا وكان مضمونه مطابقا لمن نسب اليه معبرا عن مشيئته انتفى التزوير بأركانه
ومنها ركن الضرر ولو كان هو لم يوقع المحرر مادام التوقيع حاصلا حدود التعبير عن
ارادته سواء كان هذا التعبير ظاهرا جليا او مضمرا مفترضا تدل عليه شواهد الحال )
(
نقض جنائي 20/10/1969 س 20 ص 113 )
ومن جماع ما تقدم يتضح أن فعل تغيير حقيقة المحرر
وهو الركن المادي المكون لجريمة التزوير ، ذلك أن مناط العقاب على التزوير في المحرر
العرفي ، هو أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادات طرفيه ، اقتصار العقد على إثبات
ما تلاقت عليه إرادتا طرفيه ، يجعله عقداً عرفياً وينحسر عنه وصف التزوير .
- ومن أحكام محكمة النقض في هذا الصدد :
لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط العقاب على
التزوير في المحرر العرفي هو أن يثبت فيه ما يخالف ما تلاقت عليه إرادات أطرافه . وكان
عقد الإيجار موضوع الطعن الماثل - في تكييفه الحق - هو عقد عرفي اقتصر على اثبات ما
تلاقت عليه إرادتا طرفيه ، فإن الواقعة على هذا النحو ينحسر عنها وصف التزوير . وكان
الحكم المطعون فيه قد خالف النظر المتقدم فإنه يكون قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه .
(المادة
215 عقوبات)
( الطعن رقم 12572 لسنة 64 ق جلسة 1995/3/15 س 46- ص 553)
( من المقرر أن مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور ، وكونه
صاحب المصلحة في التزوير لا يكفى في ثبوت اقترافه التزوير أو اشتراكه فيه والعلم به
ما دام ينكر ارتكابه له ويجحد علمه به ـ كالحال فى هذه الدعوى ، فإن الحكم إذ لم يدلل
على قيام الطاعنة بالاشتراك في ارتكاب التزوير وعول في إدانتها على توافر القصد الجنائي
لدى الطاعن ، يكون مشوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال متعينا نقضه .)
(
المواد 40 ، 41 ، 211 ، 215 من قانون العقوبات)
( الطعن رقم 29722 لسنة 59 ق جلسة 1996/6/5 س 47 ص 721)
لما كان التزوير أيا كان نوعه يقوم علي اسناد أمر لم يقع
مما أسند اليه في محرر أعد لإثباته بأحدي الطرق المنصوص عليها قانونا ، بشرط أن . يكون
الاسناد قد ترتب عليه ضرر أو يحتمل أن يترتب عليه ذلك . أما اذا انتفي الاسناد الكاذب
في المحرر لم يصح القول بوقوع التزوير واذا كان المحرر عرفيا ، وكان مضمونه مطابقا
لإرادة من نسب اليه معبرا . عن مشيئته ، انتفي التزوير بأركانه ، ومنهما ركن الضرر
واذ كان ذلك ، فان الدفاع بأن العبارة المدعي بتزويرها قد أضيفت الي . العقد بناء علي
اتفاق المتعاقدين ، يعد دفاعا جوهريا اذ من شأنه ـ لو صح ـ أن تندفع به الجريمتان المسندتان
الي المطعون ضدهما . وكان الحكم المطعون فيه ، لم يعرض لهذا الدفاع البتة ، ايرادا
له وردا عليه ، فانه يكون قاصر البيان منطويا علي اخلال بحق الدفاع .
( المادة 215 عقوبات )
(
الطعن رقم 1789 لسنة 52 ق جلسة 1982/6/9 س 33 ص
693)
- إن عـدم
توافر اي دليل قاطع على ادانة المتهم ، وعدم توافر أركان الجريمة ، وكون الاوراق لا
تفرز إلا ادعاءات قوليه فحسب , دليل على الكيدية في الاتهام وان المتهم اذ يقف
متهماً بما لم يرتكب ويرى ادعاء باطل يرتدي ثوب الحقيقة الضعيفة اللاجئة للقضاء
لنصرتها والوقوف جانبها لمُذكر بأخوة النبي يوسف عليه السلام حيث ( جاؤا اباهم
عشاءا يبكون ) ، رغم فعلتهم البشعة بأخيهم وفي الحديث ( لو يعطى الناس بدعواهم ،
لادعى رجال دماء قوم وأموالهم ، ولكن البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر )
وحيث أنّ الركن المادي لجريمة التزوير
لا يقوم ولا يتوافر قبل المتهم ولا يثبت في حقه ، إستناداً لعدم توافر نية التزوير
، وأن الآمر لا يعدو كونه اتفاق مسبق بين الطرفين على تعديل قيمة سند الدين ، بما
يجعل الوقائع تنحسر عنها مقولة التزوير .
-
الدفع بعدم توافر ركن الضرر بحق من نسبت اليه الورقة موضوع الإتهام
كأحد اركان جريمة التزوير المنصوص عليها بالمادة 215 عقوبات
-
-
لكي يتوافر الركن
المادي لجريمة التزويـر فلابد أن يتحقق امران ولا يكفى احدهما دون الأخر ، وهما
تغيير الحقيقة ، وضرر ينتـــج عن ذلك للغير . فإذا تغيرت الحقيقة ولم يحدث ضرر فلا
تزوير ، وإذا تخلف الضرر للغير رغم تغيير الحقيقة انتفى التزوير .
-
-
- ويذهب الأستاذ
الدكتور / محمود نجيب حسنى ، إلى انه إذا اثبــــت تخلف الضرر للغير انتفى التزوير
كلية ، ولو توافرت سائر أركانـه الأخرى ، فالضرر هو وصف لتغيير الحقيقة ، فهذا
الفعل المقصود به تغيير الحقيقة لا يخضع لتجريم القانون باعتباره تزويـرا إلا إذا
كان ضارا .
-
-
- كما انه من المقرر
أن الضرر من عناصر جريمة التزوير لا قيام لها بدونه ، وهو وإن افترض توافره وتحقق
قيامه بالنسبة للمحررات الرسمية بمجرد تغيير الحقيقة فيها ، إلا أنه ليس كذلك بالنسبة
للمحررات العرفية التي ينبغي أن يترتب على تغيير الحقيقة فيها حصول ضرر بالفعل أو
احتمال حصوله ، و يتعين على المحكمة عند القضاء بالإدانة استظهار هذا الركن وإلا
كان حكمها مشوباً بالقصور المستوجب لنقضه .
-
( الطعن
رقم 3728 لسنة 80 قضائية جلسة 17/4/2011 )
-
( الطعن
رقم 29306 لسنة 74 ق جلسة 21/2/2005)
-
في هذا المعنى قضت
محكمة جنايات القاهرة بانه :
-
( لما كان ذلك وكان
الضرر عنصر من عناصر التزوير لا قيام لها بدونه وهو ان افترض توافره بالنسبة
للمحررات الرسمية الا انه ليس كذلك بالنسبة للمحررات العرفية التي ينبغي ان يترتب
على تغيير الحقيقة منها حصول ضرر بالفعل ، لما كان ذلك وكان المجنى عليهما كانا
يعلمان بحقيقة اجتماع مجلس الادارة بتاريخ 10/2/2008 واجراء التعديل فيه وانهما
بالفعل طلب الخروج من الشركة وهو الامر الذى تطمئن اليه المحكمة ، ومن ثم فانهما
لم يصيبها ضرر من التوقيع على محضر مجلس الادارة المؤرخ 10/2/2008 بمعرفة المتهم ،
وانهما اعتادا على التوقيع على هذه المحاضر ثقة فى مكتب المحاسبة والمخول بإجراء
كل الترتيبات الخاصة بأعمال الشركة ، والتوقيع على ذلك وفق التوكيلات الصادرة
منهما ، لما كان ذلك وكان الاوراق طالبة من ضرر واقع على المجنى عليهما الامر الذى
تقضى معه المحكمة ببراءة المتهم مما اسند اليه عملا بالمادة 1/304 وبمصادرة
المحررات لمزورة عملا بالمادة 30 عقوبات
-
( حكم
محكمة جنايات القاهرة فى الجناية رقم 8302 /2009 مدينة نصر ورقم 4374 لسنة 2009 كلى
شرق القاهرة بجلسة 29/3/2011
)
-
-
الدفع بإنتفاء الركن المعنوي المكون لجريمة التزوير ( القصد الجنائي
بتوافر نية الإضرار بالغير ) المنصوص عليها في المادة 215 عقوبات .
-
لما كان القصد الجنائي
في جريمة التزوير في الأوراق العرفية يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في
المحرر ، مع إنتوائه استعمالها في الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه ، فهنا
استلزم المشرع الجنائي تحقق او توافر نية الإضرار لدي المتهم بالشخص المنسوب اليه
المحرر العرفي المزور ، ومن ثم فإن عدم توافر تلك النية بحق من نسبت اليه واقعة
الإتهام تسقط عنه الجريمة لعدم تحقق واحد من اهم أركانه وهو ( توافر القصد الجنائي
بتوافر نية الإضرار ) بحق المتهم ، واتجاه إرادته بشكل لا يخالجه شك او يعتريه ريب
كونه عالم بأنه بصدد ارتكاب واقعة التزوير بجعل واقعة غير صحيحة في صورة واقعة
صحيحة ، وإنه يسعي الي إلحاق الضرر بالغير من جراء هذا الفعل الإيجابي الصادر عنه
( تغيير حقيقة المحرر بالمخالفة لإرادة أطرافه ) ، فإذا ما انحصرت تلك النية او
القصد عن الواقعة من ظاهر الأوراق ، فلا مجال هنا للقول بوقوع فعل التزوير ،
وبخاصة ما إذا بان من ظاهر التحقيقات ومـا عسـاه قدمه المتهم بمعرض أقواله ودفاعة
مشفوعاً بالمستندات ، من أن التعديل الذي تم إدخاله على الورقة محـل الإتهـــــام
( سند الدين – إيصال الأمانة ) تم برضا وقبول من الأطراف المنسوب اليها الورقة
موضوع جريمة التزوير المدعاة ، فلا مجال هنا للقول بتوافر نية الإضرار بالمنسوب
اليه الورقة ، وبالتبعية تكون الجريمة سقط عنها واحد من اهم الأضلاع التي تقوم
عليها أركانها ، ولا يستقيم لها بنيان في ظل انحصار نية الإضرار عـن وقائعها .
- وفي هذا السياق قررت محكمة النقض ما يدعم ذات
التوجه :
( القصد الجنائي في جريمة التزوير ينحصر فى
أمرين : الأول علم الجاني بأنه يرتكب جريمة التزوير بجميع أركانها التي تتكون منها
طبقاً للقانون ، أي إدراكه أنه يغير الحقيقة فى محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها
قانوناً ، و أن من شأن هذا التغيير للحقيقة - لو أن المحرر استعمل - أن يترتب عليه
ضرر مادى أو أدبى حال أو محتمل الوقوع يلحق بالأفراد أو بالصالح العام . و الثاني اقتران
هذا العلم بنية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله ، ذلك الاقتران المعبر عنه
عادة بأنه هو النية الخاصة في جريمة التزوير )
( الطعن رقم 1281 لسنة 03
مجموعة عمر 3ع صفحة رقم 174 ، بتاريخ 01/05/1933 )
( القصد الجنائي في جريمة التزوير ينحصر مبدئياً في أمرين : الأول
علم الجاني بأنه يرتكب الجريمة بجميع أركانها التي تتكون منها ، أي إدراكه أنه
يغير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها قانوناً و أن من شأن هذا التغيير
للحقيقة - لو أن المحرر استعمل - أن يترتب عليه ضرر مادى أو أدبى حال أو محتمل
الوقوع يلحق بالأفراد أو بالصالح العام ، و الثاني اقتران هذا العلم بنية استعمال
المحرر المزور فيما زور من أجله )
( الطعن رقم 1865 لسنة 03
مجموعة عمر 3ع صفحة رقم 198 ، بتاريخ 26-06-1933 )
( الطعن رقم 1385 لسنة 04 مجموعة عمر 3ع صفحة رقم 348 ، بتاريخ
04-06-1934 )
تعليقات
إرسال تعليق