أنواع واحكام الطلاق شرعاً وقانوناً

صورة
كل ما تريد معرفته عن أنواع واحكام الطلاق شرعاً وقانوناً   يقدمها لكم : محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا . مفهوم الطلاق : الزواج هو علاقة شرعيّة بين الرّجل والمرأة أساسها عقدٌ شرعيٌّ ، وقد ينتهي هذا العقد بينهما عندما يصبح الانفصال هو الحلّ الوحيد ويصعب عليهما الاستمرار في الزّواج ، فهنا يَحلّ الطلاق ، والطلاق لغةً يعني الإرسال والترك ، وطلّق الرّجل زوجته أي تركها ، وفي الشرع يعني حلّ ميثاق الزوجيّة ، وتُطبّق شروطه تحت أمر القضاء ومراقبته ، وللطلاق أنواع بيّنها الدين الإسلاميّ ، سنذكرها في ما يلي : أنواع الطلاق : أولاً : الطلاق الرجعيّ : الطلاق الرجعيّ هو الطلاق الذي يستطيع الرجل أن يُرجِع فيه زوجته التي دخل بها أي بعد وقوع الدخول ، حيث يصحّ إرجاعها إذا لم يسبق له أن طلقها أو إذا طلقها طلقةً واحدةً ، وهنا على المطلقة الالتزام بالعدّة وهي ثلاثة قروء (طهارة من الحيض) للحائض ، وثلاثة أشهر لغير الحائض ، وعليها أن تقضي العدّة في بيت زوجها ، وتجب لها النفقة ، ويجوز للرجل الدخول والخروج عليها ولكن مع توثيق هذا الطلاق ، ويرث أحدهما الآخر وإن كانت هناك عدّة للطلاق . ...

هل يجوز إثبات جريمة الزنا من خلال الرسائل الإلكترونية ؟

في ظل التقدم التقني - هل يجوز إثبات جريمة الزنا من خلال الرسائل الإلكترونية ؟



يقدمها لكم : محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا .


باتت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في قضايا الطلاق والخلع ، التي تعج بها أروقة المحاكم في مختلف المحافظات ، ليس هذا وحسب ، بل ومؤخرا القضايا الجنائية ، بعد اكتشاف الزوج الخيانة عبر تطبيقات المحادثات ، وكان أحد أهم الأسباب الرئيسية في إنهاء الحياة الزوجية لبعض من الأسر المصرية .

إلا أنه من المتعارف عليه من الناحية القانونية والعملية ، أن عملية إثبات الزنا تكون في منتهى الصعوبة حيث يشترط القانون عدة شروط منها – على سبيل المثال لا الحصر - أدلة الإثبات ضد شريك الزوجة الزانية منها

ما هي جريمة الزنا :

 يُعرف فيه الزنا بأنه حصول وطء في غير حل ، ولهذا فإن الرأي مستقر في الفقه والقضاء على أن جريمة الزنا لا تقوم إلا بحصول وطء في غير حلال ، فلا تقع بما دون ذلك من أعمال الفحش ، كملامسة العورات والتقبيل ، والأصل هو حرية القاضي الجنائي في إثبات وقوع الجريمة ونسبتها للمتهم من أي دليل يطمئن إليه ، وهذا التعريف وفقا لمحكمة النقض في الطعن رقم 3610 لسنة 65 جلسة 26 فبراير 2001.

أدلة الإثبات ضد شريك الزوجة الزانية :

حاول المشرع أن يضيق بقدر الإمكان عن الأدلة التي يمكن أن تدين الرجل في جريمة الزنا باعتباره شريكا حتى يتفادى موضوع الدعاوى الكيدية في موضوع يتصل بالسمعة هذا ، ولا يمكن إدانة الرجل باشتراكه في الزنا الا بتوافر أي دليل من الأدلة الأربعة الآتية  :

أولا ــ التلبس  :  

نصت المادة 276 عقوبات على أن التلبس يعد دليلا ضد شريك الزوجة الزانية ، بيد انه يجب التفرقة بين التلبس الوارد في المادة 276 عقوبات وبيت التلبس الوارد في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية  ، تنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية على انه ( تكون الجريمة متلبسا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة .

وتعتبر الجريمة متلبسا بها إذا اتبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح أثر وقوعها أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك فالهدف من التلبس الوارد في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية هو تحديد سلطة مأموري الضبط القضائي ، اما التلبس في المادة 276 عقوبات فالهدف منه تحديد دليل إثبات يتميز بقوة خاصة لتفادى الدعاوى الكيدية في موضوع يتصل بالسمعة .

إذن فالمقصود من التلبس في المادة 276 عقوبات هو أن يشاهد الشريك في ظروف لا تدع مجالا للشك عقلا أن الفعل الذي تقوم به الجريمة قد وقع فعلا ، بمعنى انه يجب أن يرى الشريك في حالة يستحيل على العقل والمنطق أن يسلم أن الفعل الذي تقوم به الجريمة لـم يرتكب 

ويمكن أن يعد من قبيل التلبس بالزنا أن تضبط الزوجة وعشيقها وهما راقدان في فراش واحد ، أو أن تضبط الزوجة في منزل عشيقها في ساعة متأخرة من الليل وملابسها غير منتظمة ، أو مفاجأة الزوجة وعشيقها في حجرة أغلقاها من الداخل وامتنعا عن فتح بابها عندما طلب منها ذلك ، وضبط الزوجة شبه عارية في غرفة النوم في حين كان عشيقها بملابس النوم راقدا في فراشها ، وضبط العشيق ليلا في منزل الزوجية مختبئا تحت السرير خالعا حذاءه في حين لم يكن يستر الزوجة شيء غير ملابس النوم ، وضبط الزوجة وعشيقها وهما بغير سراويل وقد وضعت ملابسهما الداخلية بعضهما بجوار بعض ، وضبط الشريك مختبئا تحت السرير ونصفه الأسفل عار وهو يمسك بملابسه ، وضبطه في غرفة النوم المخصصة للأبناء يحاول ارتداء بنطلونه ، وضبطه مع الزوجة بملابسهما الداخلية في حجرة واحدة بفندق في وقت متأخر من الليل . 

وإذا كان يجب أن يشاهد الشريك في حالة لا تدع مجالا للشك عقلا أن الفعل الذي تقوم به الجريمة قد وقع فعلا ، فانه من ناحية أخري ليس من الضروري أن يشاهد الزوج واقعة الزنا بنفسه ، بل يجوز أن يشاهدها أي شخص آخر ، ومن باب أولي زوجها ، ويعتبر من قبيل المشاهدة سماع أقوال أو أصوات من الزوجة أو شريكها تقطع بارتكاب الفعل ، وإذا شوهد الشريك في حالة لا تدع مجالا للشك عقلا أن الفعل الذي تقوم به الجريمة قد وقع فعلا ، الا انه من باب العدالة القول انهما ربما كانا على أهبة الاستعداد للقيام بها الفعل وانهما لم يرتكباه فعلا ، وعلى هذا ، فعلى كل من يهمه الأمر إثبات أن الشريك لم يواطئ الزوجة فعلا وعليه إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات ، فإذا ما افلح في إثباتها حكمت المحكمة ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه من تهمة الاشتراك في زنا الزوجة ، وإذ نصت المادة 276 عقوبات على أن من بين الأدلة التي تتخذ ضد الشريك في الزنا هــي ( القبض عليه حين تلبسه بالفعل ) ، فليس معنى هذا هو القبض كما عرفته محكمة النقض بأنه هو الذي يعنى تقييد حرية الإنسان والتعرض له بإمساكه وحجزه ولو لفترة يسيرة تمهيدا لاتخاذ بعض الإجراءات ضده "

فالمشرع لم يقصد من التلبس في المادة 276 عقوبات الا أن يشاهد الشريك في حالة لا تدع مجالا للشك عقلا أن الفعل الذي تقوم به الجريمة قد وقع فعلاً .

على انه يجب في كل الأحوال أن يضبط الشريك وهو في حالة التلبس المنصوص عليها في المادة 276 عقوبات ، بحيث تكون المشاهدة قد جاءت عن طريق قانوني ومشروع ، فإذا ثبت أن المشاهدة إنما كانت بناء على أمر لا يقره القانون بات التلبس غير معترف به ولا يجوز إدانة الشريك بناء على هذه المشاهدة غير المشروعة ، فيجب أن تكون حالة التلبس وليدة إجراءات مشروعة ما لم يكن الزنا وقع في منزل الزوجية فيكون من حقه أن يشاهد ما يدور بداخله بكافة الوسائل .


محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا

ثانيا ــ الاعتراف  :  

يختلف الاعتراف في قانون الإجراءات الجنائية عن الاعتراف في القانون المدني ، فالاعتراف في هذا القانون الأخير هو اعتراف الخصم بواقعة قانونية مدعى عليه بها وذلك اثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة ، اما الاعتراف في قانون الإجراءات الجنائية فهو كما يعرفه بعض الفقه بأنه إقرار المتهم على نفسه بصدور الواقعة الإجرامية عنه .

على هذا فانه يجب أن يصدر الاعتراف عن ذات شخص المتهم ، أما ما يصدر عن غيره فانه يعد شهادة ، ويجب أن يقرر المتهم انه اقترف الواقعة الإجرامية ، وبالتالي فانه يمكن القول أن الاعتراف باعتباره دليلا ضد شريك الزوجة الزانية هو إقرار الشريك على نفسه بارتكاب الواقعة التي تقوم بها الجريمة ، فلا اعتداد اذن باعتراف الزوجة بالزنا وإسنادها تهمة الاشتراك إلي رجل آخر ، بل يجب أن يصدر هذا الاعتراف من الشريك نفسه ، والاعتراف يعتبر دليلا هاما جدا ويمكن بناء حكم الإدانة عليه وحده ، ولكن يشترط لذلك عدة أمور :

أولاً : أن يكون الاعتراف صريحاً :

 فلا يستشف الاعتراف من مجرد أقوال قد تجرى على لسان المتهم ولا يمكن اعتبارها الا مجرد دفاع منه عنه نفسه .


ثانياً : يجب أن يكون هذا الاعتراف صحيحا باعتباره إجراء قانونيا :

 ويلزم لأي إجراء قانوني أن يكون صحيحا وإلا أهمل ولا يعتد به ، والاعتراف الصحيح هو الذي يصدر عن إرادة مميزة وحرة ، فلا عبرة باعتراف صادر عن شخص سكران أو مريض مرض الموت أو كان مجنونا لا يعي ما يقول أو يفعل ، كذلك لا قيمة باعتراف جاء نتيجة إكراه أو ضغط ، فأي أقوال تصدر من شخص تحت وطأة الإكراه أو التهديد يهدر ولا يعول عليه . 

ثالثاً : أن ينصب على ذات الواقعة المادية للجريمة :

 فيلزم أن يكون الاعتراف منصبا على ارتكاب الواقعة المادية التي تكون الفعل المجرم قانونا ، فان كان اعترافه منصبا على أمور أخري غير تلك الواقعة المادية فان اعترافه يهدر ولا يعول عليه .


رابعاً : صدور الاعتراف من الشريك :

يجب أن يكون الاعتراف صادرا من ذات شخص الشريك المتهم بالاشتراك في جريمة زنا الزوجة ، اما أن كان الاعتراف صادرا من الزوجة نفسها أو من الزوج المجني عليه أو من أي شخص آخر فان هذا لا يعد اعترافا قانونيا يؤخذ به ويحاسب على أساسه الشريك في الزنا . 

خامساً : أن يكون الاعتراف أمام القضاء :

 فيجب أن يتم اعتراف الشريك المتهم بالاشتراك في زنا الزوجة أمام القضاء ، أي أمام هيئة المحكمة التي تنظر الدعوى لتفصل في الاتهام اما بالإدانة أو البراءة ، اما أن كان الاعتراف أمام أهل الزوجة أو الأصدقاء أو أمام جهات الشرطة أو حتى أمام النيابة التي تباشر التحقيقات فانه لا يعد اعترافا قانونيا لان هذه الجهات تختلف عن هيئة المحكمة التي تنظر الدعوى .

وإذا قام المتهم بالاعتراف أمام المحكمة التي تنظر الدعوى وتم إثبات هذا الاعتراف في محاضر الجلسات وأوراق الدعوى ، فانه يعتبر اعترافا قانونيا صحيحا طالما توافرت سائر الشروط الأخرى المطلوبة ، ولا يغير من صحة الاعتراف إحالة الدعوى إلي محكمة أخري لنظر الدعوى ، إذ يظل الاعتراف منتجا لآثاره حتى ولو يعترف المتهم مرة أخري أمام المحكمة المحال إليها الدعوى .

فإذا توافرت هذه الشروط كان للاعتراف قوته وحجيته ويجوز للمحكمة حينئذ أن تقضى بالإدانة على هذا الاعتراف وحده دون سماع الشهود ، وفى مثل هذا الاعتراف نصت المادة 271 إجراءات جنائية على أن " يبدا التحقيق فى الجلسة بالمناداة على الخصوم والشهود ويسال المتهم عن اسمه ولقبه وسنه وصناعته ومحل إقامته ومولده وتتلى التهمة الموجهة اليه بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور على حسب الأحوال ثم تقدم النيابة العامة والمدعى بالحقوق المدنية ان وجد طلباتهما .

ونرى انه لا يجوز للمحكمة إدانة الشريك تأسيسا على اعترافه فقط إذا لم يكن الاعتراف صدر أمام المحكمة ، كأن يصدر الاعتراف أمام الشرطة أو النيابة أو أمام شخص عادى ، ومع ذلك نرى انه وفقا لمبدأ الاقتناع القضائي يجوز للمحكمة الإدانة بناء على الاعتراف رغم انه لم يصدر في مجلس القضاء إذا رأت أن الفعل المجرم قانونا قد وقع فعلا من المتهم ، وكما يرى البعض بأنه يعد دليلا الإقرار الذي يصدر أمام شخص عادى إذا اقتنعت المحكمة من شهادة هذا الشخص بصدور ذلك الإقرار .


ثالثا : الأوراق المكتوبة الصادرة من الشريك  :

الدليل الثالث الذي يؤخذ به في مواجهة الشريك في زنا الزوجة هو صدور أوراق مكتوبة منه ، ويعنى بهذا تلك الأوراق والمحررات التي يكتبها الشريك بخط يده ، وقد تطلب المشرع أن تكون هذه الأوراق مكتوبة بخط يد الشريك ذاته ، ونحن نرى انه يعد من باب الأوراق المكتوبة الصادرة من الشريك تلك الأوراق التي وان لم تكتب بيد الشريك الا أنها موقعة عليها منه ، يستوي أن يكون التوقيع كتابة أو بصمة أو ختما ، ولكن يشترط أن يكون عالما بما يحتويه هذا المحرر ، ونرى أيضا انه يستوي أن يكون المحرر مكتوبا أو موقعا باللغة العربية أو أي لغة أخري .

وطالما كان الشرط هو أن يكون المحرر مكتوبا بيد الشريك أو موقعا عليه منه وان لم يكن المحرر مكتوبا بخطه فأننا نرى انه إذا دفع الشريك أن المحرر مكتوب بيد غيره أو كان التوقيع مزورا فان هذا الدفع يكون دفعا جوهريا ينبغي على المحكمة أن ترد عليه ردا كافيا وسائغا والا كان الحكم معيبا ويتعين نقضه لمخالفته القانون ، إذن فالشرط الأساسي هنا هو أن يكون المحرر مكتوبا بخط يد الشريك أو موقعا عليه منه .

إملاء الشريك المحرر على شخص اخر :

ولكن هل يمكن مساءلة الشريك أن هو أملى المحرر على شخص آخر فقام هذا الأخير بتحرير ما يملى عليه ؟

الفرض هنا أن الشريك لم يوقع المحرر ولم يبصمه أو يختمه بخاتمه ، والواقع أن المشرع تشدد دا في الدليل الذي يجب أن يقام ضد الشريك في زنا الزوجة حفاظا على السمعة ، والشريعة الإسلامية الغراء هي أيضا قبل المشرع الوضعي قد ضيقت إلي ابعد الحدود الأدلة التي تقام على الزاني أو الزانية .

وإذا كان المشرع قد نص صراحة على أن الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا وجود مكاتيب أو أوراق أخري مكتوبة ، فأننا نرى انه لا يجوز عقاب الشريك الذي يملى كلمات على آخر فيقوم هذا الأخير بتحرير ما يملى عليه ، خاصة انه قد يتعمد البعض الكذب والافتراء فينسبون إلي برئ ظلما وعدوانا ما لم يقله أو يمله ويدبرون كل التدابير في شان إقناع القاضي بأن المتهم هو الذي أملى عليهم هذا المحرر ، وقد يقتنع القاضي فيدين المتهم وهو من الاتهام براء .

التسجيلات الصوتية الصادرة عن الشريك  :

قد يقوم الشريك في الزنا بتسجيل ما يريده تسجيلا صوتيا بحيث يفهم منه انه قارف الفعل المجرم قانونا ، أو أن يكون ثمة جهاز تسجيل موجودا ويسجل كل صوت أو صراخات صادرة من الشريك أو الزوجة اثناء قيامهما بالفعل المكون للجريمة ، فهل يعتبر هذا التسجيل الصوتي دليلا ضد الشريك في زنا الزوجة ؟

يجب أن نعلم أن بعض الناس قد حباهم الله عز وجل بموهبة تقليد الأصوات ، فهم على استعداد بتقليد أصوات أي إنسان أو حيوان أو غير ذلك .

وإذا أضفنا إلي ذلك أن التسجيل قد يكون غير نقى ، وأيضا فبعض الناس يكون لديهم إلي درجة كبيرة جدا صوتا متشابها مع بعض الناس الآخرين بحيث لا يمكن التمييز بينهما الا بصعوبة ، إذا وضعنا كل ذلك في حسباننا فأننا يمكن أن نجد أن الصوت الذي هو مسجل هو غير صوت المتهم بالاشتراك في زنا الزوجة ، فالأمر اذن لا يقوم على أساس من اليقين ، والإدانة في الأحكام الجنائية تبنى على اليقين وليس على الشك .

لذا  فأننا نرى انه لا يكفى أن يكون ثمة تسجيل صوتي صادر عن المتهم لكي تدينه المحكمة خاصة وان المادة 276 عقوبات قد نصت صراحة كما سبق على صدور مكاتيب أو أوراق أخري مكتوبة منه ، وليس التسجيل الصوتي من قبيل الأوراق أو المكاتب المنصوص عليها في المادة 276 عقوبات . 

الصور الفوتوغرافية  :

أولاً : يجب أن نميز بين ما إذا كانت هذه الصور الفوتوغرافية هي صور لتلك المكاتيب والأوراق الأخرى الصادرة من الشريك أو هي صور تجمع بين كل من الشريك والزوجة والتي يتبين منها انهما في وضع مريب .

فإذا كانت هذه الصور من قبيل النوع الأول فإنها تعتبر حجة طالما ثبت للقاضي أنها صور طبق الأصل للمحرر الصادر عن الشريك وبالتالي فانه يمكن إدانة الشريك بناء على هذه الصور الفوتوغرافية لهذه الأوراق والمحررات الصادرة عن هذا الشريك .

اما إذا كانت الصور تجمع بين كل من الشريك والزوجة في وضع مريب ، فقد ذهب البعض إلي أنها تعتبر في الواقع دليلا على التلبس بالزنا ، إذ أن الصورة التي يظهر فيها المتهمان وهما يرتكبان ذات الفعل المجرم تنبئ بذاتها عن سبق حالة التلبس ، ولكن يجب على المحكمة أن تتأكد من سلامة الصورة عن طريق الاستعانة بأهل الخبرة .

إلا أنه نظراَ للتطور التكنولوجي المطرد لم يتطرق المشرع لمسألة إثبات الزنا من خلال الرسائل الاليكترونية.


رأي محكمة النقض في شروط إثبات جريمة الزنا ؟

ومن المتعارف عليه أن قضاء النقض مستقر منذ زمن وحتى الآن على أن نطاق تطبيق المادة 276 يقتصر على - شريك الزوجة الزانية - أما الزوجة نفسها ، فيصح للقاضي أن يعتمد في إثبات زناها على أي دليل يطمئن إليه ، ولو لم يكن من بين الأدلة التي نصت عليه تلك المادة ، وكذلك الشأن في إثبات زنا الزوج وشريكته إذ لا يتقيد القاضي في إثبات هذا الزنا بقيود خاصة ، وذلك طبقا للطعن رقم 3610 لسنه 65 ق.

ولهذا قضت محكمة النقض في حكم سابق لها بأن ضبط عوازل طبية ملوثة بآثار مني بمنزل المتهم الشريك بناء على إذن مسبق غير كاف لإدانة الشريك بالزنا ، لأن ذاك ليس من بين الأدلة الحصرية التي حددها القانون ، طبقا للطعن رقم12862 لسنة 63 جلسة 14 مايو 2001 ، وهو أمر شاذ إذا ما اقتنع القاضي من شهادة الشهود والقرائن بنسبة الزنا إلى الزوجة ، فيقض بإدانتها ويجد نفسه مضطرا في ذات الوقت إلى تبرئة شريكها لعدم توفر دليل من الأدلة التي تطلبها القانون لإثبات الزنا عليه.


شروط إثبات الزنا للزوجة فقط بالرسائل الالكترونية : 

ومن ثم فإنه يجوز للقاض أن يثبت زنا الزوجة والزوج وشريكته من خلال الرسائل الاليكترونية المتبادلة عبر شبكة الإنترنت ، كل ذلك بشرط أن تكون الرسائل جازمة في حصول الوطء ، أما بالنسبة لشريك الزوجة الزانية ، فإنه لا يجوز إثبات الزنا ضده إلا من خلال أحد الأدلة المحددة حصرا في المادة 276 عقوبات ، ومن ضمن تلك الأدلة المكاتيب والأوراق الصادرة من الشريك أو اعترافه بالزنا ، فهل يمكن اعتبار الرسائل الاليكترونية الصادرة من الشريك بمثابة مكاتيب وأوراق أو اعتراف بالزنا؟


لا خلاف على إمكانية الاعتداد بالرسالة الاليكترونية الصادرة من الشريك ان تضمنت اعتراف منه بالزنا ، إذ أن القانون لا يشترط في الاعتراف أن يكون قضائيا ، بل يمكن أن يحصل خارج مجلس القضاء بشرط أن يكون نصا على حصول الوطء ، وهذا ما أخذت به محكمة النقض إذ قضت بأنه لما كانت جريمة زنا الزوجة لا تقوم إلا بحصول وطء في غير حلا ،ل بما مفاده أن الجريمة لا تقع بما دون ذلك من أعمال الفحش ، وكان من المقرر أن تفسير العبارات ومعرفة مرماها ، مما تستقل به محكمة الموضوع ما دام استخلاصها متفقا مع حكم العقل والمنطق.

وإنما يدق الآمر في اعتبار المكاتيب والأوراق رسائل اليكترونية ، ووجه الدقة أن المكاتيب والأوراق الصادرة من الشريك وتعتبر حجة في الزنا يقصد بها المحررات المكتوبة ، وهي في المعني التقليدي تتمتع الأداة المكتوبة بها بالإثبات النسبي ، بحيث لا تتلاشى أو تمحوا أو تزول دون ترك أثر ينم عنها ، وهو ما قد يظلمه واقع الحال بالنسبة للرسائل الاليكترونية ، إذ يسهل محوها علي الفور ، وآيا ما كان الأمر فإنه لما كانت تلك المكاتيب والأوراق يجب أن تكون صادرة من الشريك نفسه وجازمة علي حصول الوطء ، فإنها لابد وأن تتضمن بالضرورة اعتراف منه بالوطء ، ولهذا فإننا نري أنه يجوز إثبات زنا الشريك من خلال الرسائل الاليكترونية بوصفها اعترافاً بالزنا

المشروعية الإجرائية شرط لازم للحصول على الدليل :

غير أن الاعتداد بالرسالة الاليكترونية الصادرة من الشريك مشروط بأن تكون دلالتها جازمة ونصا في إقرار الشريك بحصول الوطء ، وأن يكون الحصول علي الرسالة أو بالأحرى الولوج إلي البريد الإلكتروني للشريك قد تم بطريق مشروع ، اي بإذن قضائي مسبب ولمدة محددة طبقا للمادة 57 من دستور 2014 ، ولا يكفي في هذا الشأن رضا الزوجة الزانية ، لأن الرسالة لا تخصها وحدها بل تخص شريكها ، وأن جاز لها أن تطلع الغير علي أسرارها ، فإنها لا تملك أن تطلع الغير سواء أكان زوجها أو السلطات العامة علي أسرار شريكها .

هل يجوز للزوج أن يخترق البريد الإلكتروني لزوجته ؟

ومن باب أولى لا يجوز للزوج أن يخترق البريد الإلكتروني لزوجته لالتقاط الرسالة ، لأن فعله يعد في هذا الشأن جريمة طبقا لقانون العقوبات والقانون رقم 75 لسنة 2018 بشأن جرائم تقنية المعلومات ، ولا يستقيم أن يكون دليل الإدانة مشروعا حال كونه جريمة ، فضلا عن بث الثقة والأمانة فيما بين الزوجين ، وما يجب أن يسود العلاقة بينهما من احترام لا ينسجم مع التجسس ، بحيث أن شك أحد الزوجين في سلوك الآخر لجأ إلي إتباع الإجراءات القانونية في الإثبات ، وإلا تحولت الأسرة إلي مسرح مخابرات وعس ، وهذا ما أخذ به القضاء الأمريكي والفرنسي وأيدهم فيه الفقه.

يشار إلى أن محكمة النقض في حكم قديم لها محل نظر أجازت للزوج تفتيش حقيبة زوجته الموجودة بالمنزل إذا ما اقتنع أن بها رسائل من عشيقها ، وعللت لذلك بأن الزوج في علاقته بزوجته ليس من الغير في صدد المكاتبات ، لأن عشرتهما وسكون كل منهما إلي الآخر ، وما يفرضه عقد الزواج عليهما من تكاليف لصيانة الأسرة في كيانها وسمعتها ، يخول لكل منهما ما لا يباح للغير من مراقبة زميله في سلوكه وفي سيره وفي غير ذلك ، مما يتصل بالحياة الزوجية لكي يكون علي بينه من عشيره ، وهذا ما يسمح له عند الاقتضاء أن يتقص ما عساه أن يساوره من ظنون أو شكوك لينفيه فيهدأ باله أو ليتثبت منه فيقرر ما يرتئيه ، وذلك طبقا للطعن رقم 259  جلسة 19 مايو 1941.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جريمة الإدلاء ببيانات كاذبة أو غير صحيحة بوثيقة الزواج

أركان جريمة القبض والاحتجاز بدون وجه حق

كل ما تريد معرفته عن إبطال عقد الزواج للغش والتدليس